97788

2

مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة "137"

بقلم اسماعين تماووست 

شعبًا بلا تاريخ ليس له حاضر ولا مستقبل، لأن الماضي يجمع كل  الاحداث والذكريات، سواء كانت جيدة أو سيئة، ويرسم  الحقائق التي تجسد معاني الخير والشر.
لذلك فان المؤكد ان اقسى مستويات الشغف تكمن في لحظة كتابة التاريخ، و خلق روابط  لكل قصة وزمنها الخاص في سياقها الحقيقي وكل قصة  تاريخية تجسد حكما عادلا على الجميع، لأن لا مكان للصدفة،فقد أصدر التاريخ أحكامه،  وكل متهم وان تملص من العدالة الانسانية، لن ينجو من العدالة  الالهية.

لا يمكننا ايداع الذكريات في درج ليتم دفنها إلى الأبد، لان إخفاء التاريخ عن الشعب هو جريمة ارتكبت عمدًا، وبالطبع، نحن مقتنعون بأن العثور على الطريق الصحيح هو من فضل الله، وأن الضلال يأتي نتيجة أخطاء من وقعوا فيه. أما بالنسبة لجميع الجرائم التي اقترفها المفسدون سيحاسبون  على كل الفظائع التي ارتكبوها.

  لا توجد فترة زمنية تنقضي دون أن تترك أثرًا يظل حيًا في الذاكرة الجماعية،  ما نراه كأحداث عابرة، قد تكون في نظر التاريخ فصولًا حاسمة  تحدد معالم المستقبل. فالتاريخ لا يقيم أحكامه بناءً على اللحظات العابرة، بل على الأفعال والقرارات التي تُخلّد وتُورث للأجيال القادمة، لتظل شاهدًا على ما مرَّ ودرسًا لما سيأتي.

وكما قال الفيلسوف هيغل: التاريخ هو معلم الشعوب. صحيح أن هناك من يحاول أن يمحو بعض فصوله، ولكن مهما حاولوا، فإن الحقيقة دائمًا تجد طريقها للظهور، لا يمكن للظلم أن يستمر إلى الأبد.

لقد عايشت تلك الأحداث بكل تفاصيلها، وكنت شاهدًا على الصراع بين الحق والباطل، وعلى محاولات أولئك الذين سعوا إلى تشويه الحقيقة. لكنني أدرك تمامًا أن كل ما حدث، وكل ما سنمر به في المستقبل، هو جزء من دورة لا تنتهي.

التاريخ يكرر نفسه، ولكن من خلاله نتعلم وننمو، لذا فإن مهمتنا كأفراد في هذا المجتمع أن نتمسك بالحقيقة، لأن الحقيقة هي التي تمنحنا القوة لتجاوز أي تحدٍ مهما كان.

مع الأسف، لا يقدم بعض رجال الدين، وخاصة  التفسيرات بالدقة والعمق المطلوبين، فكثيرًا ما يفتقد تفسيرهم للموضوعية والشمولية اللازمة التي تجعل الرسالة القرآنية واضحة ومفهومة للجميع، سواء داخل المساجد أو خارجها.

وهذا الخلل قد يؤدي إلى سوء الفهم، ليس فقط بين المسلمين أنفسهم، بل أيضًا بين أتباع الديانات الأخرى.

إن بعض التيارات الفكرية، خاصة المتطرفة منها، وأحيانًا بعض المثقفين والإعلاميين، يصرون على تشويه الصورة الحقيقية للإسلام، معتمدين على تأويلات خاطئة وتعريفات غير صحيحة للدين، نتيجة لذلك، يبقى الإسلام مفهومًا مغلقًا لدى البعض، يتسم بالغموض وسوء التفسير، مما يخلق فجوة بينه وبين العالم اليوم الذي يركز على التطور المادي ويغفل القيم الروحية.

لقد أصبح واضحًا أن هناك من يرى في الإسلام عقبة أمام الحداثة والتقدم، بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا؛ فالإسلام يدعو إلى العلم والتطور، لكنه يرفض أن تكون هذه القيم على حساب الأخلاق والقيم الإنسانية.

في زمننا الحالي، حيث تنتشر المفاهيم المادية على حساب المعاني الروحية، يظهر أعداء الدين من كل جانب، يحاولون طمس قدسية الرسالة الإلهية.

ومع ذلك، لن ينجح أي استهداف للإسلام في تغيير جوهره المقدس، فالإسلام ليس مجرد دين، بل هو رسالة خالدة تشع الحكمة الإلهية إلى البشرية جمعاء.

إن المساعي لتقويض مكانة الإسلام تمثل خطرًا حقيقيًا، ليس فقط على أتباعه، بل على العالم بأسره، إذا استمرت هذه النزعة العدائية، فقد تؤدي إلى كارثة إنسانية على نطاق واسع، حيث لن يجد المؤمنون الصادقون مساحة آمنة على هذه الأرض.

إن القيم الإسلامية الحقيقية تدعو إلى السلام، إلى العدل، وإلى احترام الإنسانية. كما قال الحكيم ابن رشد: "العقل لا يناقض الدين، بل هو وسيلة لفهمه." لذلك، يجب أن نسعى دائمًا لنقل الرسالة الإسلامية بصورتها الصحيحة، بعيدًا عن التشويه وسوء التفسير، حتى نبقي جذوة الإيمان مشتعلة، ونُبلغ  للأجيال القادمة أن الإسلام ليس فقط دينًا، بل حضارة ومشروع إنساني متكامل.
من الطبيعي في فهمنا للوحي الإلهي أن نُقدّر إيماننا للدين الإسلامي كما هو عقلاني وكامل تمامًا ومقدس بالنسبة للمسلمين الصادقين، و يبقى الوحي الإلهي الأبدي، الذي نزل على مدى 23 عامًا عن طريق جبريل عليه السلام  على نبي محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.
ليتأكد للعالم أن التطور و التقدم العلمي في حياة البشرية عبر كل الأزمان مرتبط بالدين الإسلامي كما يثبته دوما الإعجاز العلمي . 

على الرغم من المعاني الصحيحة والموثوقة لتفسير القرآن من قبل العديد من العلماء المرموقين، الذين كانوا في الغالب من المؤمنين وحماة الإسلام، إلا أن بعض الأفكار المتطرفة قد تسبب في منحى خطير جدًا.

في الواقع، كانت تلك آثار الفكر المتطرف، الذي نشأ نتيجة الجهل الظاهر والكره العميق للتقدم والتمدن.

كان هؤلاء المتطرفون يلجؤون الى  اختيار آيات قرآنية معينة، وفي الحقيقة، هم غير قادرين على فهم معانيها الحقيقية، لاستخدامها كأداة لتشويه الإسلام المقدس وتحقيق أغراض شيطانية.

كانت هذه التوجهات تمثل خطرًا كبيرًا وقد تؤدي إلى إشعال حرب مدمرة في بلادنا، يُثبت الفكر المتطرف عبر الزمن أنه ناتج عن نقص في الفهم والعقلانية، وروح الانتقام التي تحكم أفراده، كانوا وما زالوا يتعاملون مع الدين بشكل غير شريف، ويشوهون بعض الأحاديث والآيات عمدًا.

إن الفكر المتطرف انتشر  في فترة معينة بعد أزمات سياسية واجتماعية كبيرة مر بها العالم الإسلامي، مثل الحروب الداخلية أو الغزو الأجنبي، حيث بدأ المتطرفون يستغلون الأوضاع لبث أفكارهم السامة.

إن القرآن الكريم، الذي يعتبر مصدر الهداية للمسلمين، يؤكد على أهمية التسامح والإحسان. كما نجد في سورة "البقرة" الآية 256: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، التي تدعو إلى حرية الاعتقاد والتعايش، مما يتناقض تمامًا مع الفكر المتطرف الذي يفرض إرادته بالقوة.

وفي سورة "المائدة" الآية 32: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّ مَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"، نجد تأكيدًا على قداسة الحياة وحرمتها، وهي دعوة لتقدير الإنسان وحمايته من أي نوع من الاعتداء، هذه الآيات تدحض تمامًا الفكر المتطرف الذي يعمد إلى استخدام الدين كذريعة للعنف.

إن الإسلام هو دين يدعو إلى العدالة والسلام، والتعايش السلمي، بعيدًا عن أي تشويه أو تفسير مغلوط، لذلك يجب على المسلمين أن يدرسوا دينهم بشكل شامل، وأن يبحثوا عن معانيه العميقة التي تتناغم مع القيم الإنسانية، لا أن يقتصروا على تفسير سطحي يحث على العنف والتطرف....

يتبع..

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services