859

0

"إنعام بيوض " أدعو لإنشاء مركز للترجمة لأن الترجمة الآلية مهما بلغت دقتها لن تلغي دور المترجم ،"

مديرة المعهد العالي العربي للترجمة في حوار خاص لبركة نيوز

لطالما كانت الترجمة ملازمة لوجود الانسان، وأثبتت فعاليتها في إحداث التواصل بين متعددي اللغات، في مختلف الأزمنة والأمكنة مختصرة المسافات والأشواط ميسرة عبور شتى المعارف من ضفة إلى أخرى، فأدت مهمة الوساطة بين اللغات.

في هذا الإطار جمعنا لقاء مع الأستاذة إنعام بيوض الخبيرة في الترجمة و التي جالت العديد من الجامعات الجزائرية و ها هي تترأس المعهد العالي العربي للترجمة التابع لجامعة الدول العربية، لنتعرف معها على هواياتها المتعددة ما بين الشعر و الأدب و اهتمامها بمجالات فنونية أخرى، و مواضيع أخرى تطرقنا إليها سنتعرف عليها في هذا الحوار.

حاورتها: نزيهة سعودي 

إنعام بيوض كاتبة و شاعرة جزائرية، مدرسة سابقة للترجمة في الجامعات الجزائرية، تقلدت مناصب عديدة تشغلين حاليا منصب مدير عام بالمعهد العالي العربي للترجمة التابع لجامعة الدول العربية، هل ممكن إعطائنا لو  تفاصيل أكثر حول مسارك المهني و إنجازاتك في هذا المجال ؟

مساري المهني كان متنوع جدا درست في مجال الهندسة المعمارية ثم تحصلت على منحة للدراسة في جامعة دمشق مدة سنتين، ثم إثر الحرب عدت إلى الجزائر و واصلت دراستي بمدرسة الفنون الجميلة لأنها كانت هوايتي كنت أعشق الرسم طموحي الأكبر أن أصبح فنانة لكن شعرت أنني أميل إلى اللغات كما انني شغوفة بالترجمة.

دخلت  جامعة الجزائر بمعهد الترجمة، ركزت أكثر على الجانب الأكاديمي و الترجمة ثم دخلت التعليم و وجدت نفسي مع الطلبة ما بين الشعور بالعطاء و المشاركة و كانت تجارب رائعة في جامعة الجزائر و كذلك بجامعة وهران تخصص لغات، و كذلك في المدرسة الوطنية للإدارة و المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، و ترجمت روايات و كتب بحيث تغلب علي جانب الترجمة.

بعدها اهممت بمجال الرسم و الكتابة الشعرية نشرت ديوان شعر بدار برزخ، ثم انطلق مشواري في الرواية زمن العشرية السوداء تلك الفترة كل الموازين انقلبت ... بعدما كنت أنهي عملي في الجامعة أدون في مصنفي الصغير إلى أن نتج عنه رواية "السمك لا يبالي".

حضرت ذات يوم في معرض الكتاب بالجزائر إحدى دور النشر لبنانية أراد نشرها و فعلاً نشرت و نالت جائزة مالك حداد برئاسة أحلام مستغانمي، لقيت إعجاب من طرف الجمهور بعضهم استعانوا بها في أطروحاتهم، حقيقة لا أعتبر نفسي روائية و لا شاعرة بل أهوى العفوية تركت الرواية تأخذ وقتها.

أما الفترة التي عشتها في وهران كانت رائعة تعرفت على المدينة و طيبة ناسها و عفويتهم و إخلاصهم في الصداقة أردت الكتابة عن هذه الفترة و سجلتها في قصة و فعلا صدرت الرواية.

_المعهد العربي العالي للترجمة مؤسسة تابعة للجامعة العربية أنشئ سنة 2003 بالجزائر لتكوين مترجمين مؤهلين و محترفين ، هل يمكن تزويدنا بأكثر تفاصيل حول مهام و دور المعهد؟ و كيف ترون واقع الترجمة في الجزائر ؟

المعهد جاء تفعيل لقرار صدر عام 1985 من طرف مجلس الجامعة بإنشاء المعهد و تكون الجزائر مقرا له، كانت هناك شبه منافسة بين الدول الأعضاء آنذاك و الجزائر افتكت هذا المعهد بصعوبة لأنه كان المؤسسة الوحيدة التابعة لجامعة الدول العربية.

 عينت سنة 2004 لكن المعهد انطلق فعلا سنة 2005  كمعهد ما بعد التدرج، يتوجه له الطلبة حاملي شهادة ليسانس للترجمة و اللغات، فتحنا المجال لكل التخصصات لأننا نأمن أن المترجم يجب أن يكون ملم بتخصص معين و لغة معينة، و تعدد الفروع تفيد جدا المترجم، كما تم استحداث فرع لتكوين الطلبة مدة سنتين، الستة أشهر الأولى هو جذع مشترك بعد السداسي الاول هناك من ينتقل إلى الترجمة الفورية و هناك من يبقى في الترجمة التحريرية.

 نتابع ملفات الطلبة و المستوى الذي وصلوا إليه، بالنسبة للمترجم الفوري ليس بأمر سهل فهذا يتطلب استعداد نفسي و فكري و أكاديمي، نوجههم نحو الترجمة الفورية لحد الآن تخرج حوالي أكثر من600 حامل شهادة ماجستير أو ماستر و هذا ليس بأمر يسير ، حاليا في جامعة الجزائر قسم الترجمة تقريبا كلهم تخرجوا من المعهد.

نحاول أن نبقى على المستوى الأكاديمي و لا نعيد استنساخ الردائة لهذا شدد المعهد على تفعيل نقطة النجاح لها مستوى معين بالمعهد، ففي الستة أشهر الأولى نركز على رفع مستوى الطلبة ليصلوا إلى المستوى المطلوب من خلال الدروس المكثفة أو الدروس الإضافية لأنه لا يمكن أن يخرج من المعهد من ليس لديه مستوى.

_أحيانا الصحفيين يقعون في مشكل ترجمة المصطلحات العلمية التي يصعب ترجمتها للغة العربية، و لما نبحث عنهاعبر برامج أو تطبيقات الأنترنت لترجمتها تنتج مفهوم مغاير عما نحتاجه أو عدة مفاهيم أخرى..، في رأيكم أين هو الخلل ؟

المشكلة ليست مشكلة مصطلح بل المشكلة في مستعمل المصطلح، كل الفروع العلمية تدرس باللغة الأجنبية في كل البلدان إلا في سوريا و السودان، و الجزائر كانت لها تجربة جيدة تستحق الاستشهاد بها في مجال التدريس باللغة العربية في العلوم و الفيزياء، فيمكن وضع قواميس في كل التخصصات و لكن هل هذا سيغني الترجمة إذا لم يكن هناك مستعمل لها !

المصطلح يأتي عندما تكون هناك حاجة إلى استعماله، إذا لم تكن الحاجة في استعماله في مجتمع لا ينتج معرفة لا يحتاج إلى مصطلح، الصحفي الآن في صلب مجال الاحترافية المهنية يحتاج لهذا المصطلح.

اشتغلت سابقا مع المنظمة الصحية في القاهرة مع فرقة لإنتاج قواميس للطب و فرقة أخرى لتعزيز قسم الترجمة في القسم الفرعي للمنظمة، هناك يوجد قواميس فعلا فقد وصلوا إلى حرف "الجيم" أو "التاء" لكن من يستعمل هذه المصطلحات هل هناك طبيب يستعملها ؟ لذلك إذا لم يكن هناك من يستعمل المصطلح فلا داعي لصنعه بل هو مضيعة للوقت، فالمصطلح هو تحصيل حاصل.

_ربما الجزائر تعرف تؤخر نوعا ما في موضوع الترجمة الآلية رغم أنها تعد جزء هام من المعالجة الآلية للغة في بلدان أخرى و البعض لديهم مجال خاص تدرسه في مؤسساتها و جامعاتها، في رأيكم هل تقدم الترجمة الآلية ترجمة احترافية عالية الجودة تفرض على الجزائر مواكبة هذا المجال بسرعة؟ 

نحن في المعهد كنا السباقين في استحداث مادة تكنولوجيا الترجمة، و هذا يدل على اهتمامنا بالترجمة  لأن المستقبل هو تطوير الترجمة الآلية لكن هذا لا يلغي المترجم لأن الترجمة الآلية مهما بلغت دقتها فإنها لن تحل محل الإنسان إطلاقا، لأن اللغة هي نتاج إنساني و الآلة يصعب عليها التعامل مع هذا النتاج الإنساني و الحيوي و المتطور في كل لحظة.

اللغة عنصر حيوي جدا و يصعب على الآلة أن تواكبه لشدة حيويته، في الترجمة هناك أنماط نصوص مختلفة يمكن تصنيفها ضمن النصوص المعرفية سواء رياضيات أو علوم فهنا من السهل جدا استخدام الترجمة الآلية لأنها تعطي نتاج أفضل من الإنسان لأنها لغة صارمة لا تحتاج إلى تأويل و لا يمكن استبدالها بغيرها على عكس النصوص الأدبية.

الآلة لها مستقبل كبير في ترجمة النصوص التحريرية و العلمية و المفروض الاهتمام بها اهتماما خاصا، يجب أن يكون للجزائر مركز للترجمة مثل كل الدول ليس للتكوين بل الاهتمام بالترجمة العلمية و الأدبية و ترجمة كتاب الطفل مع إمكانية تنظيم معارض و ندوات ليكون منارة ثقافية حقيقية بالنسبة للجزائر، كما أن الترجمة الآلية هي رفيقة خير للمترجم.

_التكنولوجيا تشق طريقها بنجاح في ميدان الترجمة و لعل الذكاء الاصطناعي تقنية تحاكي الذكاء البشري ، في رأيكم هل يمكن أن يتغلب الذكاء الاصطناعي على الإنسان في صناعة الترجمة ؟

أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتغلب في العلم بسهولة بحيث في نقرة واحدة يمكن أن يترجمها، هي نقلة فضيعة بالنسبة لمن يريد أن يترجم العلم بنية صادقة، قمنا في السابق بمؤتمرات و ندوات لكن لا فائدة من ذلك صراحة فقدت الأمل في إمكانية الاستعانة بمثل هذه المؤتمرات في سبيل للارتقاء أكثر. 

الوقت يجري و القطار سيفوت إن لم نصحوا و لم تكن لنا النية الصادقة في استعمال اللغة العربية، لأن اللغة العربية غير محترمة بالنسبة للطلبة، شبابنا 90 بالمئة يدرسون بالعربية إذا كيف لنا أن تفتح أذهانهم على العلم و العالم في ظل كل هذه التطورات العلمية.

كلمة أخيرة ؟

العلم حاليا متوفر من خلال نقرة فأرة أرجوا أن لا تضيعوا وقتكم في مواقع التواصل الاجتماعي التي ستندمون عليها لاحقا خاصة و أن كل شيئ متاح حاليا يمكن لأي مرء صغير أن يكون علامة أو موسوعة مستقبلا لأن العلم يرسخ و العلم باقي و هو سبيلنا للتطور.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services