165
0
اليوم الوطني للشهيد 18 فيفري ... بين الجوهر والمظاهر ... !؟

بقلم مسعود قادري
نقف كل سنة يوم 18 فيفري وقفة خضوع وإجلال نتذكر فيها الجيل الذهبي من أبناء الجزائر الشامخة، جيل الشهداء رحمهم وطيب ثراهم .. الاحتفالات المخلدة للذكري التي تصلح كل أيام السنة لان تكون مناسبة للوقوف عند مآثر جيل فريد من أبناء هذا الوطن المفدى لم تلد الأمهات مثله منذ عهد الصحابة والتابعين ومن سلك دربهم في الجهاد من أجل الدين، الوطن والكرامة الإنسانية ..
تخليد الحدث هذا العام، تزامن مع الحملة الشرسة التي يقوم بها اليمين الفرنسي المعجرف والمتبجح بماضي أسود في البلاد مازالت آثاره الإجرامية شاهد عيان إلى اليوم، يبرزها خلال الخراب المادي والمعنوي والفكري الذي أسلاف لوبان في هذه الأرض الطاهرة.
آثار مازال مواطنون يعيشونها بكل مرارة ومعاناة نكبتها في العديد من مناطق الوطن وخاصة في الجنوب الجزائري الذي كان مسرحا لتجارب نووية إجرامية في مثل شهرنا هذا من سنة 1960 .. هم بشر من أبناء الجزائر استعملهم عساكر فرنسا كجرذان لتجاربهم النووية الخبيثة فشوهت أجسادهم وعقولهم وتحولوا إلى حمل ثقيل على أنفسهم وأهليهم والبلاد عامة بسبب العاهات النفسية والبدنية المتفاوتة الأشكال والخطورة والعجز ..شواهد كان من حق المصابين بها أن ينالوا حقوقهم من المستدمر تعيد لهم اعتبارهم كبشر على الأقل وتمكن أهاليهم من مراعاتهم والعناية بهم بدل الحياة البائسة التي جعلتهم يفقدون الإحساس حتى ببنة لقمة العيش وهو يتناولونها دون وعي وشعور عند البعض وبكثير من الألم والمعاناة عند آخرين ؟ !!.
المناسبة التي نحيي فيها ذكرى الشهيد سنة 2025 لايجب أن تمر فيها جرائم فرنسا النووية في الجنوب كما مرت سابقا ولا يجب أن تطوى تعاطفا أو ترفعا أو لأي سبب من الأسباب التي تركت حكوماتنا السابقة تحجم عن المطالبة بحق الجزائر في استرجاع مسروقاتها من مستدمرها السابق منذ دخوله 1930وحتى يوم فراره بجلده جويلية 1962... هذا الإحجام ربما كان مقصودا من بعض المحسوبين على الثورة المتعاطفين مع المستدمر السابق وربما له مبررات وجب كشفها للشعب الذي أقنعته بعض الجهات أن عدم اهتمام الجزائر بتاريخ الثورة ومطالبة البلاد باسترجاع كل مافقدته وضاع منها، سببه الخوف من اكتشاف العلاقة الحقيقية لبعض المسؤولين في السلطة مع الثورة هم أو آباؤهم..؟؟ . كما يحق لكل مواطن مسه الضرر قليلا أو كثيرا من التفجيرات النووية أن يسترجع حقوقه القانونية والتعويضات اللازمة ممن تسبب له في الضرر أوالهلاك للكثيرمن المواطنين، حتى الأرض التي لوثت وشوهت وتغيرت طبيعتها من حقها أن تنال وتستفيد من التطهير والتنظيف من الإشعاعات النووية ...و المطالب كثيرة والسكوت عنها غير مسموح به إكراما لمن دفعوا أرواحهم في سبيل الحرية والاستقلال ؟!..
جيل نوفمبر الذي نعتز به ونفتخر بانتمائنا إليه، هو الجيل الذي أدى واجبه كاملا غير منقوص فداء للأمة والوطن، تاركا للخلف مهمة صعبة ومسؤولية جسيمة تتمثل في الحفاظ على المبادئ والقيم التي ضحى من أجلها صناديد الأمة الرجال والنساء الذي لبوا النداء وتركوا متاعب الحياة بالنسبة للبعض ومتاعها لآخرين لم يغرهم العيش الرغيد مع الغرباء وخيرات أٍرضهم ينعم بها المدمرون من أبناء فرنسا ومن والآلهة من الصليبيين الغربيين الذين أغراهم الطمع وحب الثراء، فسارعوا لنهب وطن وأمة لا علاقة لهم بها، معتقدين أن هذه الأرض صارت كنزا أبديا لهم..؟!....
تذكر الشهداء في هذه المناسبة لا يجب ان ينحصر في الاحتفالات المقامة في هذه الولاية أو تلك، بل نريد أن يحث مسؤولينا على التشديد في المطالبة باسترجاع حقوق الشعب من المستدمر عبر المحاكم والهيئات الدولية خاصة والتشدد في المطالبة بتعويض الفئات التي عانت ومازالت تعاني ويلات ما خلفته الألغام بجبالنا وأريافنا وحدودنا الشرقية والغربية وما تسببت فيه التجارب النووية في صحرائنا من مآسي لأبناء المنطقة حيث بقايا إشعاعاتها تلحق الأثر وتسمم حياة أجيال عديدة من الساكنة، كما لا يجب ان تبقى ذاكرة ثوراتنا المباركة وتاريخنا حبيسة المتاحف والمكتبات الفرنسية بينما رجال التاريخ والباحثون يعانون شح المادة العلمية الحقيقية حول الثورة التي مازالت حقائقها تثير خوف المستدمر من افتضاح بشاعة جرائمه أمام العالم ..!؟.
شهداء الجزائر رحمهم الله وطيب ثراهم من ثورة الأمير وحتى نهاية ثورة التحرير، لن يرضوا بأن تكون ذكراهم مجرد وقفة موسمية نقفها على أرواحهم ظاهريا بينما الترحيب والتبجيل الحقيقي يحظى به أعداء الامس بتقديم لغتهم و ثقافتهم على ثقافتنا ومكوناتها الحضارية العريقة التي يجب أن تسهر أجيال اليوم والغد على رعايتها والنهوض بها ..؟.
عندما نتذكر الشهداء لا يمكن أن ينسنا جميعا ما عاناه أبنائهم ونسائهم خلال الثورة التحريرية من حرمان ومعاناة نتيجة الضعف المادي للمجتمع الريفي والفقر العام للشعب، لكن تضامن أبناء الوطن مع أسر الشهداء، خفف من عناء اليتامى وهو يعيشون ضمن اسرهم... هذا النوع من التضامن الأسري والمجتمعي نريده ان يتجدد في امتنا مع اليتامى الذين غيب الله عنهم من يعيلهم في ظروف وأسباب مختلفة. فهم ابناء الأمة ويستحقون الرعاية والتكافل ليقوموا على ارجلهم ويتمكنوا من المساهمة في بناء الوطن اقتداءً بأبناء الشهداء الذين هم يتامى قبل كل شيء، مع اختلاف سبب وفاة العائلة فقط. !.؟ رحم الله الشهداء وأعاننا على تكريمهم بتحقيق ما ضحوا من أجله وتوفير عيش كريم لكل اليتامى الجزائر وجزا الله كل شهيد عن البلاد والعباد خير الجزاء..