49
0
التربية الحديثة الغربية .....توجه جديد يقصي العادات و التقاليد

وسط تطور تكنولوجي رهيب و متسارع، وجد الأولياء صعوبات و تحديات كبيرة في تربية أبنائهم، لاسيما حين أصبح أولائك الأطفال أكثر انفتاحا على الثقافات الغربية الدخيلة على مجتمعنا و على تعاليمنا الدينية التي أثرت على هويتهم و معتقداتهم، فجعلتهم كيانهم خالي من أي محتوى ثقافي أو اجتماعي أو ديني قد يعكس حضارتهم و أصالتهم.
شيماء منصور بوناب
إن الحديث عن التربية في مجتمعاتنا الإسلامية يقودنا للبحث عن معالم القدوة السليمة من حيث منهاج التربية و التوجيه المستند على القرآن و السنة.
وفي هذا الصدد، أوضحت المختصة التربوية و الأسرية الكوتش نايت مسعود فاطمة، أن الحداثة والأصالة في التربية يعدان من بين أعمدة البرنامج التربوي السليم الذي يستجيب للتحديات الراهنة دون اهمال المعتقدات الثقافية و الدينية للمجتمع الإسلامي.
التربية... فطرة متجذرة في الأعماق
مؤكدة أن الاهتمام بالتربية على مدى العصور و السنوات لا يقل أهمية عن الاهتمام بالتعليم ، باعتباره عمود بناء الأجيال ، مستشهدة بقول روزفلت حاكم أمريكا " قد لا نتمكن من اعداد المستقبل لأولادنا ولكن يمكننا على الأقل أن نعد أولادنا للمستقبل".
موضحة أنه من الضروري تربية أطفالنا بأسلوب حضاري منسق يجمع بين الأصالة و الحداثة و الثقافة و الهوية الدينية و الثقافية في قالب واحد دون الاغفال على أي مفهوم قد يحدث خلل في التوازن التربوي.
كما أن الاهتمام بالوعي و تنمية القدرات الادراكية للطفل من بين الآليات الفعالة التي تجعله شخصا قادر على تحمل المسؤولية، كما تمكنه من بناء أسرة سليمة في المستقبل دون أي ضغوطات أو ندبات نفسية قديمة." تضيف الكوتش".
تعاليم تربوية دخيلة تهدد كيان الاسرة الجزائرية
وبالعودة لخلفية التربية الحديثة، قالت أن المجتمع الجزائري تعرض في السنوات القليلة الأخيرة لموجة غربية في التربية استقى منها مع الأسف ما لا يفيد الطفل ، الذي أصبح بالمنظور الغربي كيان راشد وهو لا يتعد 4 سنوات.
مشيرة أن المقاربة الحديثة الغربية للتربية تقوم على اشراك الطفل في القرارات المصيرية و الكبيرة حتى وإن كان لا يستوعبها ، فتجعله يختار ما يريد دون محاسبة تربوية أو توجيه أبوي، وكأنه شخص مسؤول ناضج في حين أنه لا يزال يكوّن ذاته و شخصيته .
كما أن الحرية المطلقة في التربية تعود على صاحبها بالسوء لاسيما إذا كانت بعيدة عن الدين ، وعلى ذلك يحث المختصين الأولياء على انتهاج برنامج التربية الذكية، التي تجعل الطفل قائد ومسؤول حسب سنه دون حمل تقيل عليه قد يحرمه من طفولته." تضيف ذات المختصة".
ونوهت بأن التربية الحديثة اليوم تحمل الطفل جزء من المسؤولية، كأن يهتم بذاته مثل لباسه و دراسته، دون تجاوزه للمهام الكبيرة وهو في الحقيقة أمر إيجابي لأنه يُعود الطفل على سلوكيات حسنة تفييده مستقبلا.
المراهقة ... مرحلة مفصلية في حياة الطفل
في المقابل نجد أن هذه المسؤولية، تتفاقم حين يبلغ الطفل عمر المراهقة في سن 12 و13 سنة، حينها تتنصل الأسرة من مسؤولياتها فتتركه دون مرافقة أو رعاية وحتى دون دعم، رغم أنه في تلك الفترة يكون بحاجة ماسة للاحتواء الأسرى لأنه السبيل الأساسي لإنقاذه من مخاطر المجتمع و العالم الخارجي بكل آفاته .
ولفتت في فترة المراهقة تكون شخصية الطفل غير مكتملة، لا يمكنه التفريق بين الصائب و الخاطئ وهو ما يجعله تحت رحمة الغرباء في مجتمع ينتظر الزلة حتى ينقض عليه ببراثن حادة تفقده هويته و ثقته بنفسه و بغيره.
وبخصوص التعاليم التربوية المستمدة من الفضاء الأزرق، شددت على ضرورة الحذر منها خاصة اذا كانت مأخوذة من الثقافة الغربية الدخيلة عن عاداتنا وتقاليدنا التي قد تشكل فجوة عميقة في نفسية الطفل و في علاقته مع أسرته.
ومن مقولة " مهاتما غاندي الزعيم الهندي "يجب أن أفتح نوافذ بيتي لكي تهبّ عليه رياح جميع الثقافات، بشرط ألا تقتلعني من جذوري". أوضحت أن هذه المقولة تجسد نظرة التربية الحديثة التي تراعي الاهتمام بكل الثقافات المختلفة مع الحفاظ على الهوية والثوابت الأساسية.
وتابعت مع الأسف أطفال اليوم غريبين عن أسرهم و بعيدين عن عادات مجتمعهم بحكم اختلاطهم بثقافات أجنبية جعلتهم منغمسين في عالم غريب عنهم يحتفلون بأعيادهم دون وعي بتأويلاته وحتى معتقداته التي قد تتضارب مع هويته و مرجعتيه الدينية.
التربية الذكية .... تمكين تربوي للأسرة
وفي نصيحتها للأولياء، ركزت على أهمية التربية الذكية التي تعتمد في طريقتها على العادات و التقاليد و الثقافة لتجعل الطفل شريك أساسي في بناء مجتمعه واعي بمقوماته وهويته و معتز بوطنيته .
وأضافت ، لابد على الأولياء أن يصلوا لدرجة الوعي الكافية التي تؤهلهم من استراد أدوات التربية الذكية التي تلائم ثقافتنا وقيمنا واصالتنا واسلامنا مع ضرورة تطبيقها بالمنحى الذي يلائم منظومتنا الأسرية.
فن التربية موجود في تعاليم ديننا الحنيف و المتمثل في قدوتنا الحسنة " الرسول عليه الصلاة و السلام الرسول" الذي كان و لا زال مثال القدوة الطيبة في التعليم و التربية، فضلا عن أن دين الإسلام قائم على أسس تربوية وفكرية صالحة لكل زمان و مكان وتحت أي ظروف.