421

0

التنمر الإلكتروني متلازمة القرن 21...؟


تعددت أشكاله وأساليبه وتزاوجت الطرق بين التقليدية والحديثة، غير أن الثابت فيه كان الممارسة والفعل اللاأخلاقي ولا قانوني الملازم للظاهرة منذ استفحالها بالمجتمعات عموما والمجتمع الجزائري تحديدا حاضن الأفة.

دنيا الزاهي
وبين مدرسة وشارع، وبيت ومقهى بأسوارهم جميعا يمارس الجرم المدعو التنمر والأفة التي تخطت الحدود الاجتماعية الى التربوية، وفي رحلتها هذه زهقت نفوس وهدمت كيانات وعلاقات، تحت مسمى السخرية أو الاستعراض ومن باب المزاح أحيانا، هي مفردات يراها البعض بريئة ، والواقع هي جرعات سم متفاوتة الدرجات غير أن نتيجتها واحدة . 
يقودنا الحديث عن التنمر الأفة والظاهرة القديمة بممارساتها الحديثة بأساليبها وأشكالها،. الى عقود مضت وأخرى قادمة بمدلول جديد أكثر حداثة يدعى التنمر الالكتروني، أو التنمر الرقمي و كذلك التنمر بواسطة الأنترنت. الواقع الذي فرض نفسه اليوم في ظل بيئة ومجتمع رقمي ألي بامتياز مؤشر كان يجدر به أن يكون نقطة تحول إجابية  وسلاح ضد هذه الممارسات الشنيعة، وبالوقت الذي كنا نأمل بأن نضع حدا له بتحكمنا من التقنية وتوظيفنا للتكنولوجيا في حياتنا وممارساتنا وهذا ما يجب أن يكون عليه الأمر فعليا، نواجه الأن ما هو كائن وهو العكس ، أين تفنن المتنمرون في تنمرهم وطغوا أكثر ، حيث بات من الصعب التحكم في نشاطهم والوصول له أحيانا أخرى. فإن كنا بالأمس نواجه شخصا أو مجموعة أفراد رفاق كانوا أو جيران، داخل المدرسة أو بالحي نواجه اليوم  شخصا  افتراضيا بهوية افتراضية وبطرق أكثر خطورة من دي قبل، وما عادت الممارسة تقتصر على  رسائل لفظية  مسيئة للمتنمر عليه ولا المسألة باتت  شخصية تخص اثنين بل اتسعت رقعتها  وتخطت التهديدات والرسائل  الحدود الجغرافية والمكانية. 
بل تجاوزت حدود الوطن وبلغت الثقافات والشعوب، فما وفرته الشبكة العنكبوتية من ميزات ايجابية في يد المتنمر وسلبية في وجه من يتصدى لهم ساهمت وبلورة الظاهرة، فخاصية الاسم المستعار أو القناع الواقي ، هي ما نواجه اليوم متنمر افتراضي يصعب الوصول اليه ولا لهويته، وفي ضل غياب قوانين ورقابة على المواقع الالكترونية بالجزائر تحديدا هذا ان زعمنا وجودها فهي الحاضر الغائب في كثير من الأحيان حتى لانجزم كليا بانعدامها في مثل هكذا افات، هو ما زاد الطين بلة وما ساهم في استفحال وتنامي مثل هكذا ظواهر، وبالتالي أعطى للجناة دافعا قويا وحافزا لمزاولة نشاطهم بكل احترافية. وبوسائل جديدة غير سابقتها   ومن التنمر اللفظي الى التنمر الرقمي نتجه اليوم، ومن رسائل شفهية في غالبيتها الى رسائل الكترونية ونصية، ومن المدرسة والشارع إلى مواقع التواصل الاجتماعي مسرح الجريمة  نتحدث اليوم. 
والمتتبع لسيرورة التطور المصاحب لهذه الظاهرة المستحدثة حاليا، كونها ممارسة قديمة الجديد فيها هو التقنيات  والرقعة الجغرافية التي يزاول فيها الفعل، وتتعداها أحيانا الى الفعل بحد ذاته، هو الأخر طغت عليه تطورات أين يتحول المتنمر عليه الى المتنمر في كثير من الأحيان ، أي أن العملية باتت تبادلية محضة، ويتجسد هذا الواقع من خلال انتحال الشخصيات أين كانت طبيعتها وطبيعة العلاقات التي تحكم بين الطرفين، فمن كان بالأمس موضع المجني عليه يصبح اليوم الجاني والمحكوم عليه بجرم وقضية لا دخل له ولا علم له بها، ذنبه الوحيد أنه وقع فريسة في أنياب ذئاب بشرية لم يتم تهذيبها بشكل صحيح أو لربما نتيجة اضطرابات نفسية أحيانا، تختلف هنا الأسباب والمسببات غير أن الممارسة متفق عليها والهدف واحد الحاق الضرر النفسي والجسدي بالأخر، اشباعا  لرغبات وحاجات دفينة عند المتنمر. 
 هذه الإشباعات للأسف نراها يوما بعد يوم تتسع، والحاجات في ديناميكية والألة، فتطور الوسيلة هو الهاجس الأكبر أمامنا. والحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان هو أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين له من الايجابيات ، ما له من السلبيات  غير أن السؤال الذي يثير الجدل الأن من يتحكم بمن؟ 
هل نحن من نتحكم بالتقنية باعتبارنا المنتج والصانع لها؟ أم التكنولوجيا من تتحكم فينا على اعتبارنا أبناء لها؟  ومن يربي من؟ 
أسئلة لا بد لنا من الوقوف عندها لا متأملين وحسب، بل بمحللين ومتقصين ومتنبئين بما هو قادم وما الذي سيكون وما سنجنيه من وراءها من جهة، وبضرورة نحن الى تربية تكنولوجيا  تسبق استخدامنا لها. 
وبالتالي قبل أن نفكر في انتاج، علينا أن نفكر جليا فيما سننتجه ولمن وبأقل أضرار وكيف سننتجه ومع من نتعامل، وأي سوق ستحتضنه بمعنى أي مجتمع هو الحاضن، فمعرفتنا لمثل هكذا أمور سيصنع الفارق حتما وعساه يقودنا للإجابة عن ما سبق طرحه من تساؤلات وبالتالي الحد من هكذا أفات. 
تقليدية كانت أم الكترونية، هو مسؤوليتنا نحن كمجتمع ككل من أسرة الى مؤسسات التنشئة الاجتماعية سواء كنا منتجين أو مستهلكين، والقضاء على هكذا أفعال مخلة بالحياء والقانون معا لا يعني الركود وحظر التكنولوجيا واستخدامها، بقدر ما هو  تفعيل لثقافة التربية التكنولوجيا  نربي أنفسنا  كمنتجين ومستخدمين وأبناءنا على استثمار الأمثل للتقنية، ففي النهاية نحن من يتحكم ونحن المنتج، وبدل من أن نكون أبناء لها نصبح أباءا لها لا عليها. 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services