73

0

التحية و السلام إلى الدوحة

 

 

بقلم بقلم كمال برحايل

يعيد الاعتداء الصهيوني الغاشم على الدوحة إلى الذاكرة، طرح نفس السؤال و نتلقى نفس الإجابة، واقول حينما سئل وزير دفاع الكيان الصهيوني موشي ديان في أعقاب حرب حزيران، ماهو الحل ؟ فأجاب المشكل ليس في الحل إنما كيف سنعيش بدون حل، وبعد مرور حوالي أربعين سنة، يتلقى أبنائه و أحفاده الإجابة، في شخص الصحافية هيلين توماس، أثناء حفل برعاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما شهر التراث اليهودي" وقد سئلت عن إسرئيل فأجابت " فليخرجوا من فلسطين إلى الجحيم ، وعن الفلسطينيين قالت أنهم تحت الاحتلال وهذا وطنهم، فلسطين ليست ألمانيا و لا بولندا، ولدى سوالها أين سيذهب هؤلاء اليهود ؟ أجابت ليعودوا إلى وطنهم ليعودوا إلى بولندا وألمانيا والولايات المتحدة ".

و الآن هل أدرك وسمع العالم الإجابة والحقيقة ، كيف تنبع بتلقائية وصدق، و حتى شهد شاهد ليس من أهلهم أو قريبهم أو صديقهم .
واعتقد أن الكيان أضاع فرصتان للحل الأولي من مصر عقب زيارة الرئيس المصرى الراحل محمد انور السادات للقدس ، و لعل الفرصة الثانية كانت قائمة أثناء حرب الرصاص المصبوب على غزة ، وهذا ما اعتبره خطاب النصيحة من الشيخ حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
و الذي حدث انه حينما تبنى العرب  قومية المعركة عقب قمة الخرطوم، تمرإشهار ما عرف اصطلاحاً في القاموس السياسي العربي اللات الثلاثة، هي  لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف، وبهذه الخطوة أنهى العرب حالة اللاسلم و اللاحرب، وجاءت حرب أكتوبر لتحرير الأرض العربية.
و بعد اقدام الرئيس المصري على كسر الحاجز النفسي واسقط المحظور في العرف في خيمتنا العربية ،بمبادرة قد تخدم عملية السلام، بدون ترتيبات مسبقة ، وللأمانة التاريخية انقل ما كتبه الصحفي حسنين هيكل  في كتاب حديث المبادرة ، ص 89
"ان نجحت هذه المبادرة في تحقيق المطالب العربية فسوف يذهب إلى القاهرة حتى بدون اخطار مسبق، ومن هناك يعلن أنه كان على خطأ، وإذا فشلت وكان هناك رجوع عنها لن يتردد في الذهاب إلى القاهرة ويضع إمكانيات الجزائر في المرحلة القادمة من العمل العربي الموحد".
و قد كتبت تعليقً على هذه الشهادة على هامش الصفحة أن بومدين، كان على الجانب الصحيح في التاريخ، لأنه من قدم العرض ينتظر الرد الذي جاء بخيبة بحجة الصلح يكون منفرداً.
و من يتابع السياسة العربية يلاحظ ان البعد القومي أصبح القاسم  المشترك بين الجزائر وقطر، و يتجلى في جعل القضية الفلسطينية،  من ضمن أولويات السياسة الخارجية، في مجال التنسيق و وحدة و تطابق الموقف والعمل العربي المشترك، في إطار الجامعة العربية.
وفي أعقاب مؤتمر مدريد للسلام حين أدركت حقيقة التحول إلى العملية السلمية، أصبحت الجزائر وقطر تقبل بما تقبله فلسطين و منه تطور العمل بالرهان على الإعلام والنشاط الدبلوماسي، و كشف الحقائق في المحافل الدولية.
و في تصوري أن القيادة الحكيمة لدولة قطر استشعرت الخطر ، بحيث أخذت على محمل الجد، التهديدات الصادرة عن وزير دفاع الكيان قائد اركان جيش الاحتلال، أن القيادة السياسية لحماس في الخارج، أصبحت آهداف مشروعة وسيطالها الجزاء ، ولن تكون في منأى عن أي ضربات صهيونية ، وفي أي مكان في العالم.
و عن الفرصة الثانية أقول انه ، منذ ستة عشرة سنة وجه سمو الشيخ حمد آل ثاني أمير دولة قطر ، خطاب إلى قادة الكيان الصهيونى واقتبس منه هذه الفقرات. " وهنا أتوجه بكلمة إلى قادة إسرائيل ان قتل المدنيين الأبرياء و الغطرسة العسكرية ، لن تأتي لا لكم و لا لنا، بل تكون لها نتائج كارثية، فهل فكر من أعد العدة لهذه، الحرب بالأجيال العربية والفلسطينية ، خاصة التي تكبر في ظل هذه المشاهد" . 
ان الاعتداء الصهيونى الذي أستهدف الدوحة ، يتوجب قراءته في محاور الزمان والمكان والدور القطري كقناة خلفية للوساطة ، وبعيداً عن أي تعقيد  أو زخم اعلامي.
أولى القراءة هي على صعيد التنسيق الصهيوني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حقيقةً، والذي قد يتبرم حقيقةً ومستاء ولكن في صيغة " أنني اتفق معكم في الهدف ولكن خياركم كان في المكان الخطأ".
و نقرأ الاعتداء أيضا في السياق الدولي نجده ، قد أتى عقب إعلان تيانجين ،و الذي تمخض عن اجتماع دول منظمة شنغهاي للتعاون، حيث أدرجت منطقة الشرق الأوسط، كشريك سياسي واقتصادي للمنظمة، وهو في المألوف يختلف كلية عن الواقع  التاريخي، للنفوذ الأمريكي على أن دول الخليج العربي في الغالب تقيم شراكة تقليدية و استراتيجية مع الولايات المتحدة ، وهي تبحث حاليا و مستقبلا عن جسر  إضافي للمرور، و للانفتاح على محور الشرق و لكن بالمنظار الأمريكي يقرأ في صمت مطبق، بأنه بداية التوغل التدريجي للصين في منطقة النفوذ الغربي، وهذا مايثير الصقور في البيت الأبيض.
ونجم عن هذا الصمت أيضا، نجاح المساعي و الوساطة الصينية في عقد المصالحة واعادة العلاقات بين الرياض وطهران.
و اضافة لذلك يبدو في الأفق المرءي ، أن هناك إلحاح ، وبإيعاز من اللوبي الصهيوني، و خاصة برغبة من الرئيس الأمريكي، توسيع الاتفاقية  الإبراهيمية لتشمل دول الخليج العربي، مجتمعة للانخراط بصفة نهائية،كبديل لمبادرة السلام العربية في ضوء التخلي حالياً وإرجاء الحديث عن الدولة الفلسطينية.
و نلحظ في السياق الإقليمي أن انتقال القيادة السياسية لحماس إلى الدوحة ودمشق ، كبديل عن تركيا ومصر والأردن ، لتوافر هامش الحرية والإعلام لدى دولة قطر.
و أما السياسة الخارجية قد أضحى منذ عقدين ، أن الدور القطري كوسيط نزيه لنقل،أو تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع ،لدى كافة  الأطراف ونعزو نجاح الوساطة القطرية، قد تنبع في مبدأ استعداد الطرفين، للتنازل وقبول الحل الوسط.
وبتوافر الوسيلة هي قناة الجزيرة الإخبارية، التي ساهمت في إبقاء القضية الفلسطينية في موضع اهتمام الشارع العربي، و وفرت المساحة المفتوحة لنقل الحرب على غزة منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى ، ثم التغطية الإعلامية المباشرة لجلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي، التي ألحقت الضرر المادي والمعنوي بالكيان الصهيوني ، و دفعت قناة الجزيرة الفضائية الثمن غالي في استهداف المراسلين في فلسطين المحتلة.

وهذا هو الثمن الذي دفعته قطر في قضية الصراع العربي-الصهيوني، و التي تعد أعقد قضية متشابكة في التاريخ المعاصر، ونقتبس من نهاية خطاب الشيخ حمد :
"علينا ان نبذل الغالي والنفيس لمساعدة، اخوتنا في غزة ليس ذلك منةً منا بل حقهم علينا".
حينما نحلل هذا الخطاب بلغة الواقع و من منطلق قومية القضية الفلسطينية نجده خطاب صادق ينبع من الجرأة والشجاعة، في تحذير العدو بضرورة مراجعة الموقف وأن للأمة ضرورات وللشعوب وخيارات وأن الفرص تأتي مرةً واحدة و لا تتكرر، وما قبلت به الأجيال السابقة قد ترفضه الأجيال اللاحقة.
الدوحة ستتجاوز هذه اللحظة الصعبة و هذا الاعتداء الغاشم كشف عن قصور النظام الدولي في ردع المعتدي.

آخر كلام: يقول الشاعر الشيلي بابلو نيرودا 
" بامكانك ان تقطع كل الأزهار ، ولكن أبداً لا تستطيع وقف زحف الربيع"

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services