146
0
الذاكرة، اللغة والاستقلال الثقافي...؟.
بقلم الإعلامي مسعود قادري
منذ مدة طويلة ونحن نتحدث ونطيل الحديث والمناقشات عن استعادة ذاكرتنا التاريخية من المستدمر السابق ... نظمت الكثير من الموائد المختلفة الأشكال والمتنوعة الطروحات والمواضيع حول ااستعادة الذاكرة ، كتابة التاريخ والاستقلال الثقافي وكل ماله علاقة بالموضوع ، تم تناوله بأي شكل من الأشكال وفي كل وسائل الاتصال السمعي البصري والوسائط الاجتماعية والصحافة المكتوبة وحتى من خلال الندوات والملتقيات في الجامعات وخارجها ..
المعالجة المعمقة كانت من قبل مؤرخين وعلماء من مختلفة التخصصات ومجاهدين شاركوا في الثورة التحريرية المباركة وعاشوا محنها وظروفها القاسية وتعرضوا لنماذج مختلفة من حضارة فرنسا وجنرالاتها المتفننة في أنواع التعذيب المهين للانسان والذي لم تعرف البشرية مثله من قبل ومن بعد لكنه الأسلوب الأكثر بربرية الذي جاؤوا به بعد إذلالهم "المتحضر.. !" من النازيين في عاصمتهم ومدنهم .. ؟!..
مع ذلك ، فالموضوع سيبقى مطروحا مهما كانت طرق ودرجة طرحه لسبب بسيط في رأيي المتواضع هو، أن الحديث عن استعادة ماهو موجود في ديار المستدمر ونحن متهاونون في إعادة لغتنا إلى المكانة التي تستحقها في مصالح البلد المختلفة وفي علاقاتنا مع الخارج وبين مصالحنا التي مازال بعضها ينفر من استعمال اللغة العربية في أبسط المراسلات!؟.. إننا نتحدث عن العربات دون القاطرة التي تجرها وأقصد بها اللسان ـ اللغة ـ التي نستعيد بها تراثنا وثقافتنا المشتتة في متاحف عدو الأمس والتي تحتاج إلى أن نعيد لها روحها ولسانها فهي الكفيلة والقادرة على التعبير الصادق عن تراثنا وثقافتنا دون غيرها ، هذا أولا ؟..
ثانيا ، السؤال الثاني الواجب طرحه وفرضه على المنفذين ـ المعارضين ـ حتى لتناول موضوع الثقافة واللغة بالخصوص تحت أي شكل من الأشكال ـ وهم الذين عرقلوا مسار تطور اللغة العربية في البلاد وحاربوا تواجدها في الكليات العلمية لتنفرد لغة المستدمر بها ، اعتقادا منهم أن بقاء لغة العدو السابق في الصدارة ، هو ما سيحفظ مكانتنا بين دول العالم المتطورة ،مع أنها لم تقدم لنا أي شيء منذ 190 سنة من سيادتها في بلد دفع الغالي والنفيس من أجل التخلص منها ومن آثارها السلبية التي كبلت الأجيال ووقفت في طريق اختيار لغات أكثر تقدما وحياة منها ..!؟ . ..
نتباهى بالوطنية ونحارب قيمها ...؟
كيف لنا أن نتحدث عن الاستقلال الثقافي وقانون استعمال اللغة العربية مدفون في الأدراج منذ بداية تسعينات القرن الماضي ونسي نسيانا تاما ، حتى أن محيطنا العام الذي تعرب في فترة من الفترات، استعاد غربته بكل اللغات دون العربية التي أصبح التجار ـ في غياب من يحافظ على تطبيق القانون الذي يعطي لها كلغة الرسمية أفضلية التموقع فوق كل اللغات وبالبنط الذي يجعلها متميزة ـ كل التجار (إلا من رحم الله ) يتسابقون لكتابة أي شيء بالحرف اللاتيني على واجهات تبيع وتتاجر مع جزائريين ـ فيهم نسبة كبيرة من الشباب لاتحسن الفرنسية وبقية اللغات الحية .
ومع أن الجميع عند الكلام النظري يعترف أن العربية هي أوضح وأكبر وأعلى من كل اللغات تاريخا وعراقة ومجدا ،. لكن مكانتها في البلاد كلغة رسمية تقلصت بعد مشاركة الأمازيغية لها فضاعتا معا لصالح لغة " فافا " التي يبدو أننا في علاقات متوترة سياسيا مع ساستها " ، لكنها مازالت تحتل مكانة هامة في نفوس الكثير من الجزائريين وخاصة الذين مازالوا يتربعون في مراك زقيادية مرموقة ويظهرون الود بالبسملة وكلمات اللباقة عند الظهور أمام الشاشة لإبعاد كل التهم وهم أشد عداوة للغة العربية ولكل ماهو أصيل اقتناعا منهم ومن الكثير من السذج ،أن لغة المستدمر يمكن اعتبارها مكسبا ثوريا نستغله في تقدمنا إلى الخلف ، وفق مصطلح عمال الحافلات في بلادنا ــ تقدموا إلى الوراء !.. وهذا عذر أقبح من ذنب ..!؟..فهذا الطرح والتبرير لم تقبله مجتمعات آسيوية لها لغات معقدة لكنها لم تقبل لغات مستدمريها مهما بلغ تطورها العلمي والتقني مقارنة بفرنسا ( كوريا ،والصين وكل الدول الآسيوية التي لم يعقها تعقيد لغتها وحروفها على التطور بها ومواكبة الرقي التقني والعلمي في العالم ) ..
لغة المستدمر يمكن أن تستفيد منها مجتمعات بدائية لم تكن لها لغات حية فقبلت بالفرنسية لأنها لاتمتلك البديل في لهجات محلية لاحروف لها ولا تاريخ ، بعيدة عن اللغات الحية المستعملة ولا تضاهي العربية في العراقة التاريخية وفي الثراء والقدرة على التعبيىر عن كل الألسنة بكل طلاقة ودون تعلثم أم تلكلك في اي مخرج من مخارج الحروف التي لاتوجد في لغات حية أوروبية عديدة ..
المهم المعارضة ولو بالجهل ..؟
مهما كانت المبررات والمنطلقات التي أدت بالردة في استعمال اللغة العربية في محيطها إلى مايشبه ردة بعض القبائل العربية عن الدين بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. الردة في محيطنا العام والخاص صارت واضحة وبينة ولا مجال للسكوت عنها أو تغطيتها بأي ستار؟!.. والعبرة بالأمثلة من شوارعنا ومدننا الصغيرة والكبيرة التي شنت على الحرف العربي حربا شعواء وكأنه الفيروس الحامل للغة المستمدمر الذي جثم على صدورنا 132سنة ولم يخرج منها إلا بوديان من الدماء وانهار من الدموع وجبال من جثث الأبرياء من أبناء هذا الوطن الذي لايسمح شهداؤه لقادة اليوم بتغريب اللغة التي دفعوا من أجل استعادة مجدها ثمنا غاليا ..
عندما تشاهد في مدينة مثل بئر توتة مثلا في شهر أوت ـ الذي هو شهر التضحية والفداء ـ ، من يتجرأ على تحدي المجتمع ويفتح متجرا يعرفه تعريفا كبيرا ودقيقا ببنط عريض بارز بالفرنسية ولا وجود حتى لحرف عربي واحد ولو بالمجهر؟. ! .. فبماذا نفسر هذا السلوك ..؟ ، هل يقبلها المجتمع الفرنسي في محيطه ..؟؟ . ثم ماذا يقصد هذا التاجر ومثله من الذين شوهوا محيطنا وملابس فتياننا وفتياتنا بشعارات ، رايات وعبارات أجنبية الكثير من حامليها لايعرفون معناها سواء المشتري أ والتاجر الذي يفتخر بها وبطبعه رايات دول تسعى لمحونا من الوجود ..؟ أين من يحمي قطار ثقافتنا وحامل رسالتنا ولساننا الذي لابديل لنا عنه ..؟؟.