76
0
التأسيس القاعدي في البحث العلمي لمواكبة التحولات الرقمية محور يوم دراسي بجامعة الجزائر 3

في أجواء علمية مفعمة بالنقاش والتبادل المعرفي، احتضنت كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، يومًا دراسيًا موسومًا بـ"التأسيس القاعدي بين تحديد المواضيع البحثية واختيار المناهج العلمية"، من تنظيم مخبر الاتصال والأمن الغذائي تحت إشراف البروفيسور نبيلة بوخبزة، وبمشاركة كوكبة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية.
أنيسة. ب
الفعالية التي جاءت ضمن سلسلة التكوينات العلمية الموجهة لطلبة الدكتوراه، شكّلت مناسبة أكاديمية نوعية لتقوية الرؤية المنهجية وتعزيز التفكير النقدي لدى الباحثين الناشئين، وذلك من خلال جلسات علمية مكثّفة ونقاشات معمّقة ركزت على أهمية التجانس المعرفي والمنهجي في بناء المشاريع البحثية.
افتُتحت أشغال اليوم الدراسي بمحاضرة تأطيرية للبروفيسور بلقاسم بن روان من جامعة الجزائر 3، قدّم فيها جملة من التوجيهات المنهجية حول كتابة الأطروحة، مسلطًا الضوء على أهمية صياغة إشكالية واضحة ومؤسسة معرفيًا ومنهجيًا، مع التحذير من السقوط في اختيارات بحثية نمطية أو غير ملائمة.
تبعته مداخلة علمية للدكتور أحمد فلاق من جامعة تمنراست، تناول فيها العلاقة الجدلية بين التجانس المعرفي وتمكين الإشكالية، معتبرًا أن الفوضى النظرية تخلق مشاريع بحثية هشة لا ترقى إلى مستوى الحلول المعرفية.
وقدّم كل من الدكتورة حافظة بوهالي والدكتورة ياسمين بوقاقة عرضًا مشتركًا حول أسس اختيار الموضوع العلمي، ركز على ضرورة التوافق بين الموضوع وكفاءة الباحث. أما الدكتورة مليكة بوخاري فقد طرحت إشكالية "الجوع والتوظيف" في اختيار المواضيع، داعية إلى تحكيم الخلفية المعرفية بدل الانسياق خلف المواضيع الرائجة.
وتألقت الدكتورة رفيقة بن ميثا في تقديم مداخلة فلسفية منهجية بعنوان "احترام أهلية المواضيع وضوابطها"، حيث شددت على أهمية احترام الضوابط العلمية قبل الانجراف إلى العدول العشوائي عن المشاريع البحثية.
في الجلسة الثانية، تطرّق الدكتور وليد حسيني إلى غياب الوضوح الإبستيمولوجي في بعض البحوث الاتصالية، معتبرًا إياه أحد أخطر مظاهر القصور المنهجي. من جانبها، ناقشت الدكتورتان عائشة نواري وزينب سعيدين كيفية انتقاء المنهج الملائم للظواهر الاتصالية الرقمية، داعيتين إلى التحرر من الكلاسيكيات المنهجية.
وقدّم الثنائي الدكتور محمد أمين بن شراد والدكتورة سلمة مسادي عرضًا حول التحليل الشبكي كأداة لدراسة العلاقات الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما ناقشت الدكتورة سوليف بوشقورة والدكتورة خديجة هنيش المنهج الإتنوغرافي الرقمي كأسلوب فعال لرصد ديناميكيات التفاعل داخل البيئات الافتراضية.
عرفت الجلسات مداخلات نوعية، أبرزها مداخلة الدكتورة حنان منصور حول تفاعل الباحث مع موضوعه، ومداخلة الدكتور ماجر وساوي حول التسميع النهائي كأداة لضبط الجودة العلمية، إضافة إلى عرض الباحث أسئلة بن أحمد حول تكامل المناهج، ومداخلة الدكتورة حنان شعبان حول أهمية المناهج المختلطة، والدكتورة فاطمة ثور حول استخدام البرامج النوعية CAQDAS في تفكيك المحتوى الرقمي، والدكتورة نائدة نوادي التي ناقشت تأثير الرقمنة على المسارات المهنية للباحث.
تنظيم محكم واعتراف بالجهود
وقد نُظّمت الفعالية بإشراف دقيق من اللجنة العلمية والتنظيمية، برئاسة البروفيسور بلقاسم بن روان، وبمشاركة فعالة من الدكتورة ثميلة كساي التي رافقت الطلبة بتوجيهات دقيقة وعملية ساهمت في الرفع من جودة العروض.
وتميّزت الجلسة العامة برئاسة علمية للأستاذ الدكتور بن روان ومقررة الجلسة الدكتورة ليلى مصلوب، وسط مشاركة واسعة من الأساتذة الباحثين والطلبة.
في ختام اليوم الدراسي، عبّر المنظمون عن امتنانهم العميق للبروفيسور نبيلة بوخبزة، مديرة المخبر، على دعمها الثابت وتشجيعها المستمر للمبادرات البحثية، وكذا للبروفيسور بلقاسم بن روان، لما قدّمه من علم وتوجيه بنَوي يعكس مكانته الأكاديمية والإنسانية.
كما وُجّهت كلمات شكر خاصة للدكتورة ثميلة كساي، والدكتورة زينب مغني، والدكتور هشام كرميش، لما أبدوه من إخلاص وتفانٍ في إنجاح الحدث. ولم تغب الدكتورة إيمان عبادي والدكتورة نسيمة أميرة موسى عن لائحة الشكر، لوقوفهما الداعم والبنّاء إلى جانب الطلبة.
كما نوه المشاركون بحضور الدكتورة أمال قاسيمي، الدكتورة ياسمين بوقاقة، الدكتورة سعيدة فرطاس، الدكتورة نصيرة بدري، والدكتورة ليلى مصلوب، وكذا كل الأساتذة الذين قدّموا أوراقًا علمية قيّمة.
وأشاد المنظمون بشكل خاص بالبروفيسور أحمد فلاق، على حضوره المثري ومداخلاته العلمية الراقية، كما وجّهوا تحية تقدير للأساتذة نوردين خوجة وداودي عبد الوهاب، الذين تكبّدوا مشقة السفر للمشاركة، وللطلبة قاسم وياسر على جهودهم التنظيمية اللافتة.
وتميّزت الطالبة نيبال بن شطارة في تنشيط فقرات اليوم بصوتها العذب وحضورها المتميز، ما أضفى على التظاهرة لمسة راقية ومهنية.
اختُتمت الفعالية بمجموعة من التوصيات العملية، أبرزها ضرورة تكثيف اللقاءات الدورية لتطوير المهارات البحثية، ومواكبة التحولات الرقمية في الإعلام والاتصال، وتفعيل التعاون البيني بين المخابر والجامعات، بما يحقق تطورًا نوعيًا في البحوث الإعلامية.
وقد أكد الحضور أن اليوم الدراسي لم يكن مجرد نشاط علمي عابر، بل محطة تأسيسية حقيقية نحو تكوين أكاديمي رصين، يجمع بين الرؤية المعرفية والمنهجية الدقيقة، في خدمة الجامعة والمجتمع.