586
0
الحرفي قريش ابراهيم.. المجسمات الكرتونية إبداع يلهم الشباب

يسجل الاقتصاد الدائري في بلادنا الجزائر مكاسب ملموسة مساهما في آن واحد في استيعاب اليد العاملة والرفع من وتيرة حماية البيئة.
وتحرص السلطات العمومية ذات الصلة بالموضوع منذ السنوات الأخيرة ضمن خيار تنمية الاقتصاد الأخضر على تعزيز مكانة الاقتصاد الدائري من خلال إعادة رسكلة العديد من النفايات واستغلالها، لينخرط حرفيون وأصحاب مهن إلى هذا المجال عبر عدة تخصصات ففي مجال الحرف اعتمد بعضهم على تقنية الفرز الانتقائي لمادة الورق المقوى (الكرتون).
بثينة ناصري
قريشي إبراهيم من الأوائل الذين استغلوا هذه الفرصة وسعوا إلى تجسيدها وإبرازها من خلال إقامة العديد من التكوينات وعرض للنماذج لتعطي دفعا حقيقيا للشباب وللمبدعين من الجنسين لولوج هذا النشاط وترويج مزاياه بما يعطي صورة ايجابية له.
وفي مستهل حديثه لنا أكد قريشي إبراهيم وهو مستشار رئيسي في قطاع الشباب بدار الشباب محمد بوراس لعين الدفلى وفنان تشكيلي مختص في التدوير الفني للكارتون، أن "هذا النشاط يتمثل اساسا في استرجاع مادة الكرتون من المحلات التجارية حيث يتم التخلص منها وتحويلها لاحقا إلى تحفٍ فنية عبر أنامل تتدفق حبا لهذا المجال وهذا التخصص الذي يضع الإنسان أمام واقع الابداع والفن".
وعن ممارسته لهذا النشاط الاقتصادي البيئي والفني يضيف محدثنا " بدأ مشواري مع هذا النشاط سنة 2015 انطلاقا من فكرة عشوائية صممت على تجسيدها والسير فيها من خلال قطع عدة أشواط وإنجاز العديد من النماذج والتحف الفنية بمادة الكرتون التي بعد ان كانت مهمشة في نظر الشباب وجاء وقت تثمينها من خلال المداومة في العمل وتحقيق الانجازات والتعرف عليها بالمشاركة في المعارض والصالونات لاستقطاب الشباب ودعوتهم لاستغلال وتدوير هذه المادة الحيوية".
الرّسكلة تخصص حديث وجب تشجيعه
ويستطرد الفنان التشكيلي قائلا إن "خبرته مكنته من الإبداع في صناعة مجسمات كرتونية، فاق عددها 120 تحفة، تنوعت بين تصاميم لسيارات قديمة ومدفعيات وبواخر وعربات وكذا منازل وقصور وآلات موسيقية، بلمسة جمالية رائعة، وكلها تعطي للمتربص والمتكون دفعا للمضي قدما في هذا المجال".
المتحدث اكتسب خبرة من خلال المشاركة في عديد دورات التكوين أين لاحظ أن الطبيعة لديها العديد من المواد التي تُرمى ويمكن استغلالها ومنحها حياة جديدة من خلال تثمينها، مثل الكرتون الذي يحقق تدويره فنيا نتائج اقتصادية ترجع بالفائدة على الفنان وكذا على التنمية المستدامة.
هذا النشاط يعتبره من النشاطات التي ينبغي العودة إليها بإعطائها قيمة حقيقية عبر تفجير الطاقات الابداعية للفنان مبرزا "ضرورة التعريف بهذا النشاط والتحفيز للمشاركة في مختلف التكوينات الفاعلة له على مستوى مديريات الشباب والرياضة لجعل الشباب يؤمن بفكرة أن العمل اليدوي يخرج الفرد من قوقعة التفكير السلبي والاستسلام للبطالة".
ويرى قريشي أن التعاطي المفرط مع الهواتف النقالة وكل الأجهزة الالكترونية أصبح يؤثر على الشاب وتجعله يضيّع وقته بلا فائدة، مشيرا أنه بفضل هذا النشاط يمكن في المستقبل للشاب منذ الطفولة أن تكون له فكرة في اختيار التخصص الذي يريده في مسيرته الأكاديمية مثل أن يصبح مهندسا أو فنيا في قطاع البناء، عبر الابداع في انجاز مجسمات صغيرة من مادة الكرتون تساعده في عمله أو نحات على الكرتون وبذلك ينجز مشاريع مصغرة بمادة الكرتون ثم يتم تحقيقها على أرض الواقع.
ويشير إلى أن هذه الحرفة غير مكلفة باعتبار المادة الأولية متواجدة على أرض الوطن وتُرمى في الطبيعة وقابلة لإعادة التدوير والرسكلة، موضحاً أنه قام بالعديد من التكوينات على مستوى مديريات الشباب بولاية الجزائر العاصمة وكذا قسنطينة، بالنظر إلى تماشي هذا النشاط مع المراكز الشبانية والمركبات الرياضية وتستقطب الشباب، فيتزود بمهنة تنتشله من عالم التصرفات والآفات الإجتماعية والانشغال بهذا النشاط الحرفي الذي يعد أيضا حسب محدثنا ذو فائدة قيمة نظراً للتصاميم الجميلة التي يمكن أن تنتج عن هذا الكرتون.
نشر الحس الفني للحد من انتشار النفايات
ويلفت محدثنا إلى طول الوقت الذي يقضيه في صنع هذه المجسمات المصحوب بعمل دقيق فهي تحتاج إلى صبر كبير ووقت طويل لإنجازها لما تحتوي عليه من قطع صغيرة يجب التحكم فيها لاعطائها حقها بلمسة جميلة تجذب المستهلك.
وينوه قريشي إلى أن "هذا الفن النابع من تدوير الورق المقوى يسمح بإنشاء مشاريع مربحة تعتمد على تثمين النفايات التي أصبح ضروريا لتنمية الاقتصاد المحلي مع انتشار النفايات، بالإضافة إلى بث الحس الفني باستغلال النفايات المنزلية والكرتون وغيرها، للحفاظ على المحيط والعيش في بيئة نظيفة".
وفي الأخير يدعو الشباب إلى "التمعن في مستقبلهم والخروج من النمطية، باعتبار وقت الفراغ يستنزف الشاب لينغمس في عالم الهواتف النقالة ومختلف المواقع الإلكترونية بدون فائدة، فيجب استغلال هذا الوقت وقضائه في مختلف الأنشطة المفيدة، كهذا النشاط الإبداعي الذي يجعل الشاب يحب النشاطات الميدانية ويعرف قيمة الوقت والتوجه دائما نحو الجانب الايجابي بدل السلبي للبقاء بعيدا عن الظواهر الاجتماعية الخطيرة".
وللإشارة عند زيارتنا للحرفي قريش ابراهيم لاحظنا ابداعه وتفانيه في عمل العديد من المجسمات والتحف الفنية المصنوعة من مادة الكرتون كجامع الجزائر وآلات تصوير وفوانيس بأشكال وتصاميم مختلفة، وكذا عربات تجرها أحصنة وآلات موسيقية وحيوانات، بلمسة فنية جمالية وبدقة متناهية.