47
0
الجزائر تعزز موقعها في محاربة الفساد واسترداد الأصول على الصعيد الافريقي

أكد المشاركون اليوم على الدور الريادي الذي تلعبه الجزائر على المستوى الإفريقي، وأهمية الاستفادة من تجربتها خاصة بعد التقدم المحرز ميدانيا في مجالات الوقاية من الفساد ومكافحته.
نسرين بوزيان
كما شدد المشاركون خلال اليوم الدراسي المنعقد بالمركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحّال"،تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والذي حمل عنوان: "استرداد الموجودات في إفريقيا: الأطر القانونية والممارسات الفضلى من أجل التنمية المستدامة"،وتحت شعار: "تعزيز الكرامة الإنسانية في مكافحة الفساد"، ضرورة تبادل الرؤى بشأن الدراسات والتجارب الناجحة في مجال استرداد الموجودات على المستويين الوطني والإقليمي، بهدف دعم آليات التعاون الإفريقي وتعزيز القدرات المشتركة.
في هذا السياق، أكد رئيس اتحاد هيئات مكافحة الفساد الإفريقية، خالد بن عبد الرحمن، أن احتضان الجزائر للاجتماع السنوي السابع للاتحاد يعكس التزامها العميق بمبادئ الشفافية والنزاهة، وحرصها على دعم التعاون الإفريقي. وأوضح أن مكافحة الفساد في إفريقيا لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال منظومة متكاملة تبدأ بالتكوين وتستند إلى مؤسسات مرنة قادرة على إدارة التغيير، مشيراً إلى تكوين أكثر من 340 إطاراً إفريقياً في الأكاديمية الوطنية المصرية لمكافحة الفساد، إلى جانب إنشاء مركز إفريقي مشترك للدراسات والبحوث في كينيا.
وأشار إلى أن معركة مكافحة الفساد تظل ناقصة دون استرداد الأصول المنهوبة، مؤكداً أن هذا اللقاء يمثل تجديداً للعهد نحو جعل الاتحاد منصة فعلية ترتكز على الإدارة والتعاون.
من جانبه، أوضح عضو مجلس السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد، عبد المجيد قدي، في مداخلة بعنوان "استرجاع الموجودات أداة لتحقيق التنمية المستدامة"،أن هروب رؤوس الأموال يشكل أحد أكبر عوائق التنمية، لما يخلفه من تراجع في الإنفاق والخدمات العمومية وضعف أداء المؤسسات وانتشار الفساد وانعدام الأمن. وشدد على ضرورة استرجاع الأصول المنهوبة ومكافحة الجريمة المنظمة بحلول عام 2030، مشيراً إلى أن استرجاع الموجودات يهدف إلى جبر الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالدولة، وتحقيق العدالة الجنائية الدولية، وإضعاف شبكات الفساد.
كما ذكر المتحدث أن الجزائر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31 أكتوبر 2003 وصادقت عليها في 19 أبريل 2004، كما أصدرت القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وأبرمت عدة اتفاقيات قضائية دولية في مجال استرداد الموجودات، إلى جانب إنشاء صندوق خاص بالأموال والعقارات المصادرة بموجب المادة 43 من قانون المالية التكميلي لسنة 2021. وأضاف أن السلطة العليا تم دسترتها كهيئة رقابية مستقلة، وتم العمل على إصلاح المنظومة لمواجهة تهريب الأموال، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد تضمنت إدراج استرداد الموجودات ضمن أهدافها الأساسية، من خلال تشجيع التعاون الدولي وتعزيز آليات الاسترداد.
من جهته، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد بجنوب إفريقيا، ليونارد لاكبنغو، أن استرداد الأصول يمثل تحدياً حقيقياً لمعظم الدول، لما يتطلبه من التنقل عبر أنظمة قانونية متعددة ومناطق قضائية متباينة، داعياً إلى تبسيط الإجراءات القانونية وإزالة الحواجز التي تعيق تنفيذها، وفق ما أوصى به الإعلان السياسي للجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن نقص الكوادر المؤهلة والموارد التكنولوجية والمالية يعيق فعالية تنفيذ عمليات الاسترداد، ما يفرض ضرورة الاستثمار في بناء القدرات.
بدوره، قدم مدير الشؤون الجزائية والعفو بوزارة العدل، ورئيس لجنة الخبراء المكلفة باسترداد الأموال المهربة، بن سالم عبد الرزاق، عرضا حول آليات التعاون الدولي من منظور التجربة الجزائرية، مستعرضاً الجهود المبذولة في إطار الاستعلام المالي وتحديد مواقع الأموال المتأتية من جرائم الفساد، والتعاون مع الهيئات القضائية والدبلوماسية المختصة. وأوضح أن الجزائر أبرمت أكثر من 300 اتفاقية تعاون دولي، وقدمت 53 طلباً إلى 11 دولة فيما يتعلق باسترداد الأصول، مضيفاً أن هذه الجهود ما زالت متواصلة رغم التحديات.
توقيع اتفاقيتين تعاون بين السلطة العليا والمجلس الأعلى للشباب وخلية الاستعلام المالي
بغرض تعزيز الآليات الوقائية والتوعوية، تم توقيع اتفاقيتي تعاون بين السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد، وكل من المجلس الأعلى للشباب وخلية معالجة الاستعلام المالي بوزارة المالية. وتهدف الاتفاقيتان إلى تحديد التدابير ذات الأولوية في مجال الوقاية من الفساد، وتعزيز التعاون في تنفيذ برامج تكوينية متعلقة بالحوكمة والشفافية والتبليغ عن الفساد، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات لدعم العمل المؤسساتي.
أوضح وزير الشباب المكلف بالمجلس الأعلى للشباب، مصطفى حيداوي، في تصريح صحفي إلى أن هذه الخطوة تندرج ضمن جهود إشراك الشباب في صناعة مستقبل خالٍ من الفساد، مؤكداً على جعل هذه القيم محورية في نشاطات القطاع، سعياً لتكوين جيل قيادي واعٍ.
إطلاق الرقم الأخضر للتبليغ عن الفساد
تم إطلاق أيضا الرقم الأخضر 1027 للتبليغ عن الفساد، والذي دخل حيز الخدمة، في خطوة عملية لتسهيل الإبلاغ وتعزيز الشفافية، و في تصريح ل" بركة نيوز"، أوضحت عضو المجلس التابع للسلطة العليا، بوطفرة نصيرة،أن الإبلاغ يشمل ملفات مثل الصفقات المشبوهة وتضارب المصالح وغيرها، وفق ما يحدده القانون 06-01، ويتم توجيه الشكاوى للهيئات المختصة كالسلطة العليا أو مجلس المحاسبة أو وكيل الجمهورية.
كما أبرزت نائب رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، فتحي منار، في تصريح ل" بركة نيوز"، أن هذا اللقاء يجسد التزام الدولة الجزائرية باستراتيجيتها الشاملة، سواء داخلياً أو خارجياً، في مواجهة ظاهرة الفساد العابرة للحدود، والتي تنهك الاقتصادات الإفريقية وتعرقل التنمية المستدامة.
معتبرة أن إطلاق الرقم الأخضر يمثل خطوة نحو إشراك المواطن وتعزيز الديمقراطية التشاركية.