337

0

الدوحة تحت النيران: هل فقدت قطر حصانتها السياسية والعسكرية؟

بقلم: ضياء الدين سعداوي

لم يعد استهداف قادة المقاومة الفلسطينية أمرًا محصورًا في غزة أو بيروت، بل امتد ليصل إلى قلب الدوحة، حيث اجتمع وفد المكتب السياسي لحركة حماس لمناقشة المقترح الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار، الهجوم الإسرائيلي على قطر.الذي نجا منه الوفد برئاسة خليل الحية بحسب ما صرح مصدر قيادي للجزيرة، يشكّل منعطفًا خطيرًا في مسار الصراع، ليس فقط على مستوى المواجهة مع حماس.بل أيضًا على مستوى السيادة الخليجية والعلاقة المعقدة بين قطر والولايات المتحدة، خصوصًا في ظل وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة على أراضيها.

قطر بين سؤال السيادة وواقع الحماية

منذ سنوات بنت قطر سياستها الخارجية على معادلة دقيقة تتمثل في  الإنفتاح الدبلوماسي مع أطراف متناقضة و استضافة قاعدة "العديد" الأمريكية بإعتبارهما شبكة الأمان الإستراتيجية ضد أي تهديد خارجي ، لكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة تضع هذه المعادلة موضع مساءلة: إذا كانت القاعدة الأمريكية لحماية قطر، فكيف تستهدف الدوحة من دون أي ردع؟

وإذا كانت الضربة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية كما صرّح قادة الإحتلال، فهل تحوّلت "الحماية" إلى غطاء يسمح بإنتهاك السيادة القطرية نفسها؟

هنا، يطرح السؤال الصعب: هل تسأل قطر واشنطن وترامب – مهندس المقترحات السياسية لحل النزاع – عن تورطها المباشر أو غير المباشر في الجريمة؟

الإشارات المريبة من واشنطن!

التحذير الذي أصدرته السفارة الأمريكية للرعايا الأمريكيين في الدوحة بعدم مغادرة أماكنهم قبل ساعات من العملية، يكشف بوضوح أن الولايات المتحدة لم تكن فقط على علم بالعدوان، بل هي شريك في صياغة مسرح الجريمة، هذا التحذير يعيد للأذهان مشهدًا تكرر في أكثر من عاصمة عربية حين يعطى "الضوء الأصفر" لأفعال إسرائيلية مروعة.

فهل يمكن لقطر الدولة الصغيرة ذات النفوذ الإعلامي والدبلوماسي الكبير، أن تواجه هذا التورط الأمريكي ـ الإسرائيلي الثنائي؟ أم أنها ستكتفي بإمتصاص الصدمة، وتسجيل موقف سياسي تحفظ به ماء الوجه أمام الرأي العام العربي والإسلامي؟

إسرائيل وإعادة تعريف التوحش

ما قامت به إسرائيل في الدوحة يعيد صياغة مفهوم "التوحش" في العلاقات الدولية، لم يعد هناك "خطوط حمراء" جغرافية أو دبلوماسية، رئيس أركان الحرب الإسرائيلي كان قد توعد علنا الأسبوع الماضي بإستهداف قادة حماس في الخارج، واليوم نرى التهديد يتحقق في عاصمة خليجية آمنة بعيدة آلاف الكيلومترات عن غزة.

بهذا الفعل الهمجي يبعث الكيان برسالة مزدوجة أولها بأن لا مكان آمن لقادة المقاومة مهما كانت مكانة البلد المضيف و أن الحصانات الدبلوماسية والعلاقات الدولية لم تعد تقي من الإغتيال.

إنها رسالة إجرامية تقول إن إسرائيل فوق القانون الدولي، وفوق سيادة الدول، مدعومة بغطاء أمريكي غير معلن.

استهداف الرموز من خليل الحية إلى خالد مشعل

الأنباء عن استهداف شخصيات بارزة مثل خليل الحية، موسى أبو مرزوق، حسام بدران وخالد مشعل، ليست مجرد "عملية إغتيال" بالمعنى الضيق، بل هي محاولة لضرب رأس المشروع السياسي للمقاومة، هذه الأسماء ليست عابرة بل هي  عصب المفاوضات وذاكرة الحركة وجسرها مع العواصم العربية والدولية.

إذا كان الكيان قد حاول تصفية هذا الوفد في لحظة تفاوضية حساسة، فهو يبعث أيضًا برسالة مفادها أن "الوساطات" لا تساوي شيئًا، وأن الحل الوحيد الذي يراه صالحًا هو الإستسلام الكامل، لا الحوار ولا المساومات.

هل القادم ألعن؟

الهجوم على الدوحة يفتح الباب أمام مرحلة أكثر سوداوية في المشهد الإقليمي تتمحور في إنهيار ثقة الدول الخليجية في منظومة الحماية الأمريكية إذ لم تمنع "العديد" الضربة بل ربما وفرت غطاءها و إعادة خلط أوراق التفاوض، فكيف لحماس أن تتعامل مع مقترحات أمريكية في الوقت الذي يستهدف فيه قادتها أثناء مناقشة تلك المقترحات؟ إلى جانب ذلك فهو تصعيد مفتوح، إذ لم يعد هناك مكان آمن، ما يعني أن أي عاصمة قد تكون هدفًا قادمًا إذا رأت إسرائيل في ذلك "مصلحة استراتيجية".

 ما بعد الدوحة ليس كما قبلها

لقد تحوّل استهداف الدوحة من مجرد "عملية عسكرية" إلى زلزال سياسي يضرب عمق النظام الإقليمي العربي ، لم يعد السؤال: "لماذا قصفت إسرائيل؟" فذلك معروف، بل السؤال اليوم يطرح بالشكل التالي : "كيف سترد قطر؟ وهل ستظل القاعدة الأمريكية حامية لأمنها، أم سيفًا مسلطًا على سيادتها؟"

بإيجاز الدوحة لم تستهدف كمدينة فقط، بل كنموذج للدولة الصغيرة التي راهنت على المظلة الأمريكية، لتكتشف أن تلك المظلة قد تتحوّل إلى أداة إختراق لسيادتها،ح وما بعد الدوحة، يبدو أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من الفوضى، عنوانها: لا حصانة لأحد أمام الغطرسة الإسرائيلية ـ الأمريكية.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services