45

0

الأنوار المشرقة.. تجربة رائدة لمسجد القدس بسعيدة في ترسيخ الوسطية عبر التحول الرقمي

يشكل مسجد القدس بولاية سعيدة تجربة فريدة في مجال التحول الرقمي الديني، بعدما نجح في إطلاق قناة إلكترونية تحت اسم "الأنوار المشرقة"، جعلت منه نموذجا يحتذى به على المستوى الوطني في نشر قيم الوسطية والاعتدال، والحفاظ على المرجعية الدينية والوطنية من خلال توظيف وسائط التواصل الاجتماعي.

الحاج شريفي

المبادرة، التي تعود إلى ما يقارب عشر سنوات، لم تكن مجرد اجتهاد عابر، بل رؤية مدروسة تبناها إمام المسجد الدكتور موكيل عبد السلام، الذي يرى أن هذا المشروع يمثل "تحولا نوعيا في طبيعة أداء المؤسسة المسجدية، من خلال مساهمته في تعزيز الخطاب الديني المعتدل ونبذ العنف والتطرف، عبر منصتي يوتيوب وفيسبوك"، بحسب تعبيره.

وتعد قناة "الأنوار المشرقة" إحدى أبرز القنوات الإلكترونية الدينية الجزائرية، حيث بلغ عدد متابعيها عبر المنصتين ما يفوق 70 ألف متابع، ما يعكس تفاعل الجمهور مع محتواها الهادف، الذي يعالج مواضيع اجتماعية ودينية حساسة تهم المواطن الجزائري، مثل قضايا الزواج والميراث، والآفات الاجتماعية، إضافة إلى مشاكل الحياة اليومية التي باتت تؤرق العائلات.

من جهته، أوضح الدكتور موكيل أن القناة قدمت منذ إنشائها قرابة 300 محتوى ديني متنوع، شمل دروسا، خطبا، ومواعظ تهدف إلى توعية الناس بدينهم، وتقديم إجابات شرعية واضحة حول ما يثير تساؤلاتهم وانشغالاتهم في حياتهم الخاصة والعامة. وأضاف أن العمل متواصل لتطوير القناة تقنيا ومضمونيا لتلبي تطلعات مختلف الفئات، وخاصة الشباب.

 

 

 

 

وبحسب ذات المتحدث، فإن الهدف من إطلاق هذه القناة لا يقتصر فقط على نشر الوعي الديني، بل يتعداه إلى تعزيز الهوية الوطنية والثقافية الجزائرية، والدفاع عن الرموز الدينية والمؤسساتية والعلماء، في ظل تزايد التأثيرات السلبية لبعض المحتويات الرقمية المغلوطة المنتشرة على الإنترنت.

وقد باتت "الأنوار المشرقة" مرجعا أساسيا للعديد من الأئمة والوعاظ في مختلف ولايات الوطن، لما توفره من محتوى موثوق وراسخ في المرجعية الجزائرية، يساعدهم على اختيار مواضيع ملائمة لخطب الجمعة والدروس الأسبوعية، ويمنحهم زادا فكريا ومعرفيا في تعميق معالجتهم للقضايا المجتمعية.

ولا يقتصر دور القناة على خدمة الأئمة والوعاظ، بل تمثل أيضا مرجعا رقميا موحدا للمواطنين، يساهم في حماية وعيهم من التشويش الفكري الذي قد تسببه بعض المرجعيات الخارجية، ويعزز انخراطهم الواعي في خطاب ديني وطني جامع، يقوم على السكينة والتماسك الاجتماعي.

وفي سياق دعم هذا التحول الرقمي، أكد الدكتور موكيل على أهمية إشراك مختلف الفاعلين في المجتمع في دعم هذه المبادرات الإلكترونية، معتبرا أن الرهان اليوم ليس فقط على الكلمة داخل المسجد، بل على مدى قدرتها على الوصول إلى الشباب في فضاءاتهم الرقمية المفضلة، بلغة مؤثرة وصادقة.

ويأتي هذا التوجه منسجما مع سياسة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي باتت تولي أهمية خاصة للمجال الرقمي، حيث أشرف الوزير يوسف بلمهدي نهاية شهر جوان المنصرم، على تخرج الدفعة 25 للأئمة والوعاظ من المعهد الوطني المتخصص بسعيدة عبر تقنية التحاضر المرئي، في خطوة تعكس دعم القطاع للابتكار التكنولوجي في الخطاب الديني.

كما دعا الوزير في كلمته إلى ضرورة تبني الأئمة لخطاب ديني وسطي يعزز وحدة الشعب الجزائري، ويساهم في نشر الطمأنينة داخل المجتمع، منوها بالدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه المنصات الرقمية في ترسيخ هذا التوجه.

وتبقى قناة الأنوار المشرقة، التي انطلقت من حي شعبي في ولاية سعيدة، دليلا على أن المبادرات الفكرية الجادة، حتى وإن كانت بسيطة في انطلاقتها، يمكن أن تتحول إلى مشاريع استراتيجية ذات بعد وطني، تسهم في بناء الوعي المجتمعي، وتصون المرجعية الدينية الجزائرية وسط تحديات العصر الرقمي.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services