71

0

الإنفلونزا الموسمية في الخريف… بين تغير الطقس وضرورة الوقاية

 

مع بداية فصل الخريف وتغير الأجواء بين حرارة النهار وبرودة الليل، يزداد الحديث عن الإنفلونزا الموسمية التي أصبحت جزءاً متكرراً من المشهد الصحي العالمي.

إعداد هارون الرشيد بن حليمة

هذا المرض الفيروسي الذي يصيب الجهاز التنفسي العلوي يتجدد ظهوره في مثل هذه الفترة من كل عام، ويصيب فئات واسعة من الناس بدرجات متفاوتة من الخطورة. ورغم أنه غالباً ما يُعتبر مرضاً بسيطاً يختفي خلال أيام، إلا أن مضاعفاته قد تكون خطيرة بالنسبة لبعض الفئات مثل الأطفال، كبار السن وذوي الأمراض المزمنة.

كيف يغير الطقس فرص الإصابة؟

الانتقال من فصل الصيف إلى الخريف يفرض على الجسم تحديات متعددة، أبرزها التغير المفاجئ في درجات الحرارة. فبينما يخرج الكثيرون بملابس خفيفة خلال النهار، يجدون أنفسهم في أجواء باردة مع حلول الليل، ما يضعف جهاز المناعة ويزيد من احتمالية التعرض للفيروسات. كما أن انخفاض الرطوبة في الجو خلال الخريف يجعل الأغشية المخاطية في الأنف والحلق أكثر جفافاً، وهو ما يسهل دخول الفيروس وانتشاره في الجسم. هذه الظروف المناخية تمثل بيئة مثالية لانتشار فيروس الإنفلونزا بسرعة بين الناس، خاصة في المدارس وأماكن العمل.

أعراض متكررة لا يجب الاستهانة بها

تتشابه أعراض الإنفلونزا الموسمية مع نزلات البرد، لكنها أكثر حدة من حيث تأثيرها على الجسم. ومن أبرز علاماتها ارتفاع درجة الحرارة بشكل مفاجئ، آلام في العضلات والمفاصل، صداع قوي، قشعريرة، تعب شديد، إضافة إلى السعال الجاف واحتقان الحلق. وتختلف شدة هذه الأعراض بين شخص وآخر بحسب قوة جهاز المناعة. ويشدد الأطباء على ضرورة الانتباه عندما تطول مدة المرض أو تتفاقم الأعراض، إذ قد تكون مؤشراً على مضاعفات مثل التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي.

اللقاح… خط الدفاع الأول

يعتبر التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية من أهم وسائل الوقاية التي توصي بها وزارات الصحة ومنظمة الصحة العالمية. فاللقاح الذي يتم تحضيره سنوياً بناءً على السلالات الأكثر انتشاراً، يمنح الجسم مناعة ضد الفيروس ويقلل من حدة الإصابة حتى في حال حدوثها. ويُوصى به خصوصاً للفئات الهشة مثل الأطفال دون سن الخامسة، كبار السن فوق 65 عاماً، النساء الحوامل، والمصابين بأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري والربو.

الوقاية في الحياة اليومية

إلى جانب اللقاح، توجد مجموعة من السلوكيات الوقائية التي تساهم في الحد من انتشار الإنفلونزا. غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون، تجنب ملامسة الوجه خاصة العينين والأنف والفم، والحفاظ على مسافة آمنة من الأشخاص المصابين جميعها خطوات بسيطة لكنها فعّالة. كما يُنصح بارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة خلال فترات الذروة، إضافة إلى تهوية المنازل والفصول الدراسية بشكل جيد لتقليل تركيز الفيروس في الهواء.

التغذية ودورها في تقوية المناعة

لا يقتصر الأمر على الأدوية واللقاحات، بل إن النظام الغذائي يلعب دوراً أساسياً في تعزيز المناعة خلال موسم الخريف. ينصح الأطباء بالإكثار من تناول الفواكه والخضروات الغنية بالفيتامين C مثل البرتقال، الكيوي، والفلفل، لأنها تساهم في رفع قدرة الجسم على مقاومة العدوى. كما أن العسل الطبيعي، الثوم، الزنجبيل، والشاي الأخضر تعد من العناصر التي أثبتت فعاليتها في تحسين الدفاعات الطبيعية للجسم.

الأطفال والمدارس… بؤرة انتشار الإنفلونزا

مع العودة المدرسية في فصل الخريف، تصبح المدارس أحد أهم أماكن انتقال الفيروس بين الأطفال، الذين يشكلون بدورهم حلقة في نقله إلى أسرهم. ولذلك يشدد المختصون على أهمية التوعية الصحية داخل المؤسسات التربوية، من خلال حث التلاميذ على غسل اليدين بانتظام وعدم مشاركة الأدوات الشخصية مع زملائهم. كما يُنصح أولياء الأمور بعدم إرسال أبنائهم إلى المدرسة في حال ظهور أعراض واضحة عليهم، حمايةً لهم ولزملائهم.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

رغم أن أغلب حالات الإنفلونزا يتم علاجها بالراحة وتناول السوائل والأدوية البسيطة لتخفيف الأعراض، إلا أن هناك حالات تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً. من بينها استمرار الحمى لأكثر من ثلاثة أيام، ضيق التنفس، آلام شديدة في الصدر، أو تدهور الحالة العامة للمريض. بالنسبة للأطفال، فإن فقدان الشهية المستمر أو صعوبة التنفس تعتبر إشارات خطيرة تستوجب استشارة الطبيب فوراً.

يبقى فصل الخريف مرحلة حساسة على المستوى الصحي، حيث يجتمع تغير الطقس مع عودة الأنشطة الدراسية والمهنية ليشكلا بيئة مثالية لانتشار الإنفلونزا الموسمية. ومع ذلك، فإن الالتزام بالإجراءات الوقائية، الحصول على اللقاح، وتحسين نمط الحياة يمكن أن يحول هذا الفصل من فترة قلق صحي إلى موسم أكثر أماناً. فالوعي الصحي يبقى دائماً خط الدفاع الأقوى في مواجهة الأمراض الموسمية التي تعود كل عام ولكن بيدنا الحد من آثارها.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services