46

1

مقال "الأمم المتحدة تدين الشعب الفلسطيني" ؟؟

!! وثيقة تاريخية هامة ترى النور لأول مرة منذ عام 1967

بقلم: محمد مصطفى حابس، جينيف (سويسرا).

لستُ مؤرخًا، ولا أدّعي معرفة بتفاصيل التاريخ وحيثياتها كأصحاب الاختصاص، إلا بعض المراحل و المحطات الكبرى في تاريخنا الإسلامي والعربي و أحيانا الغربي، من باب ما لا يدرك كله لا يترك جله. رغم ذلك، وبعد أن عشتُ في الغرب قرابة ثلاثة عقود، واختلطتُ بأخرين من ممثلي معتقدات المسيحية بشقيها واليهودية في حواراتنا الدينية معهم، وكتبتُ أحيانًا في مجلاتنا المشتركة عن الشعوب ومعتقداتها وثقافاتها في الغرب و في الشرق، كما دُفعتُ إلى البحث أخرى، بل والتعمق في قضايا معينة بذاتها، لا سيما فيما يتعلق بحرب إسرائيل  في العقود الأخيرة في الشرق الأوسط ضد جيرانها المقربين، و دوافع الناس و الأمم الى خوص غمارها، بما تخلفه من خراب للعمران و الأديان!!

صحيحٌ أيضًا أنني ظننتُ و بقيت لمدة طويلة في فهمي  السطحي البسيط، أن مصطلح "المسألة اليهودية" أو "المشكلة اليهودية"، كما يسميها البعض الآخر، لا يستخدمها إلا كُتّابنا من العالم العربي والإسلامي. ولكن خلال إقامتي في الغرب في المدة الاخيرة، اكتشفت أن هذه المصطلحات موجودة خاصة في أوروبا وفي الغرب عمومًا منذ قرون سابقة!!

 "المشكلة اليهودية" و"الحركة الصهيونية":

 بالرجوع إلى القواميس وبعض المواقع الإلكترونية، اكتشفت فعلا أن "المشكلة اليهودية" و"الحركة الصهيونية" قضيتان مختلفتان، لكنهما وثيقتا الصلة. إذ تشير "المشكلة اليهودية" إلى وضع الأقلية اليهودية في المجتمعات الأوروبية، بينما تُعدّ "الحركة الصهيونية" حركة سياسية" تهدف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين!!"

"المسألة اليهودية"، المعروفة أيضًا باسم "المشكلة اليهودية"، كانت قد أثارت جدلًا واسع الانتشار في المجتمع الأوروبي في القرنين التاسع عشر والعشرين حول وضع اليهود ومعاملتهم داخل المجتمع. وعلى غرار "القضايا القومية"، ركّز هذا الجدل على الوضع المدني والقانوني والقومي والسياسي لليهود كأقلية، لا سيما في أوروبا خلال القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين. متأثرًا بمُثُل الثورة الفرنسية، وقد نشأ هذا الجدل بين المجتمعات والسياسيين والكتاب في أوروبا الغربية والوسطى.

ومن بين القضايا التي ناقشتها، كانت العوائق القانونية والاقتصادية لليهود (مثل نظام الحصص اليهودية ونظام الفصل العنصري)، والاندماج، وتحرير المرأة اليهودية. وقد استخدم هذا المصطلح من طرف ما يُسمى بالحركات المعادية للسامية منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، علما أن السامية، لا تعني اليهود لوحدهم، وبلغ ذروته في العبارة النازية "الحل النهائي للمسألة اليهودية". وبالمثل، استخدم هذا المصطلح كلٌّ من مؤيدي ومعارضي إنشاء وطن يهودي مستقل أو دولة يهودية ذات سيادة.

 

 عن اليهود واليهودية و إسرائيل و الصهيونية:

رغم قراءاتي المتفائلة في السنوات الاخيرة باللغتين لبعض أمهات المراجع، عن اليهود واليهودية و إسرائيل و الصهيونية مثل العمل الكبير الشهير الموسوم "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" للأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري (رحمه الله)، في ثمانية مجلدات تغطي جميع جوانب تاريخ العبرانيين في العصور القديمة وتواريخ المجتمعات اليهودية و الإسرائيلية حول العالم، ومؤخرًا "المسألة اليهودية" لمالك بن نبي، بالإضافة إلى مؤلفين ومفكرين مسلمين آخرين، منها كتابي "اليهود في التاريخ" و "تاريخ اليهود في العالم الإسلامي" لمحمد عبد الله السمان، و"الصهيونية واليهودية" للشيخ محمد الغزالي، و "اليهودية والصهيونية: دراسة تحليلية"، لعبد الرحمان الراشد، و "الأفعى اليهودية" لعبد الله التل، و غيرها من الكتب و المراجع بأقلام عربية أو مترجمة من العربية.

 

قصاصة مقال بالفرنسية متداول في مواقع التواصل الاجتماعي

بغض النظر عن هذه المراجع و الأمهات عن القضية الفلسطينية، أحببت اليوم أن أتوقف مع القارئ الكريم  مع قصاصة مقال بالفرنسية متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي عبارة عن مقال بالفرنسية نشره المرحوم مالك بن نبي، حول الأمم المتحدة والقضية الفلسطينية في أسبوعية "الثورة الافريقية" الجزائرية، فرغب منا أحد أساتذتنا الأفاضل أن نحقق في صحة ما كتب عن حيثياتها بالفرنسية خاصة أنها تتكلم عن الواقع المعيش وتواكب الحدث الأكبر هذه الأيام، الا و هو " القضية الفلسطينية"، وقد يسر الله أن زودنا أحد أساتذتنا من المهتمين بفكر مالك بن نبي بالنص الكامل من أرشيف مصدره الأصلي، أي الجريدة الجزائرية، وهو عبارة عن مقال مطول ضعف القصاصة المتداولة و لله الحمد.

مالك بن نبي يكشف زيغ "الأمم المتحدة" في ملف القضية الفلسطينية منذ عقود !!

طبعا لا أبوح سرا للمطلعين على فكرمالك بن نبي و كتابه " المسالة اليهودية" و باقي مؤلفاته، والذي يعدّ - رحمه الله - من المفكرين العاملين، والدارسين لواقعهم وتاريخهم بشكل دقيق، ومن الساعين للبناء على هذه المعطيات؛ للحديث عن الزمن الآتي، واستشراف المستقبل. وتضم كتب بن نبي - على غرار معظم المفكرين- أفكاراً متجاوزة لحدود الزمان والمكان، وأخرى قابعة في قعر زمانها ومكانها، والجهد متروك للقارئ  المهتم في استخراج العبر من الأولى، ومنح الثانية وزنها النسبي الحقيقي من إجمالي أفكار الكتاب وأطروحاته، وقد خصص بن نبي كتابه الثاني المخصص لنقاش وجهة العالم الإسلامي لموضوع " المسألة اليهودية، والذي كتبه عام 1952، إلا أنه نُشر عام 2012 من قبل وصي مالك بن نبي الأستاذ المحامي عمر مسقاوي، ويرجع حجب الكتاب لأسباب ارتآها بن نبي وقتها، كما أنه هناك مقالات أخرى نشرت هنا و هناك و كذا محاضرات و ندوات و شهادات لم تنشر أو نشرت في جرائد و مجلات و لم تجمع، منها هذا المقال، الذي نحاول ترجمة أهم قطوفه، و من أراد الاستزادة بالنص الكامل بالفرنسية مع تقديم للموضوع في جزئه الاول، في مقالنا المطول بالفرنسية ، في مجلة الشاب المسلم العدد الجديد بعنوان 

 

Le « problème juif » ,  le « mouvement sioniste » et  la Palestine.  L’ONU face au silence des vivants et  l’écho des affamés : études et perspectives (1ère partie).

تحليل مقال "الأمم المتحدة تدين الشعب الفلسطيني" لمالك بن نبي :

1- السياق التاريخي

كُتب هذا المقال بعد نكسة عام 1967 مباشرة، حين احتلت "إسرائيل" القدس الشريف والضفة وغزة والجولان وسيناء".  و هنا يرد مالك بن نبي على موقف الأمم المتحدة التي ــ حسب رأيه ــ لم تُدن المعتدي بل أدانت الضحية : الشعب الفلسطيني

2 - الفكرة الأساسية :

يتهم في هذا المقال مالك بن نبي  دور الأمم المتحدة بالنفاق والخيانة الأخلاقية، إذ يرى أنها بدل أن تدافع عن المظلومين، أصبحت أداة في يد الأقوياء لتبرير العدوان وشرعنته، خاصة ضد الفلسطينيين العزل.

3 - الأسلوب :

استخدم الكاتب لغة قوية ومشحونة بالغضب والسخرية، مستعينا بتشبيهات صادمة (كالسفاح الذي يتنكر في هيئة حاج، أو من يذبح ضحيته ويطلب منها أن تسلمه مالها، ...)

كما قارن الكاتب بين محكمة نورمبرغ التي حاكمت النازيين، و"محكمة جديدة" تمثلها الأمم المتحدة التي تحاكم الفلسطينيين بدل المعتدين.

4 - أبعاد أعمق:

لا يتوقف المقال عند فلسطين، بل يفضح نظامًا عالميًا جائرًا، يرى فيه مالك بن نبي أن القوى الكبرى تفرض إرادتها وتُسخّر المؤسسات الدولية (كالأمم المتحدة) لخدمة مصالحها، في وقت تتفرق فيه الدول العربية وتعجز عن أي فعل حفاظا على ماء الوجه..

5 - خلاصة :

المقال يعكس رؤية نقدية حادة حول السياسات الدولية وآثارها على الشعوب المستضعفة. يشدد بن نبي على الحاجة إلى تضامن حقيقي بين الشعوب الأفريقية والآسيوية لتحقيق العدالة والتصدي للقوى الإمبريالية.

مقال بن نبي هذا، يعد صرخة ضد الظلم، وكشف للزيف الأخلاقي للنظام الدولي، فيه دعوة للشعوب المستضعفة كي تدرك الواقع، وتفهم أنها تُدان حتى حين تكون الضحية.. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

ترجمة أهم قطوف المقال في العدد المقبل بحول الله)*)

L’ONU condamne le peuple palestinien

 (*-Révolution Africaine, n° 231 du 17 Juillet 1967)

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services