58

0

من البحر إلى التنمية...ماذا حققت الجزائر في مجال الاقتصاد الأزرق؟

يعد الاقتصاد الأزرق من المفاهيم الحديثة التي تركز على استغلال الموارد البحرية والمائية بطريقة مسؤولة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على النظم البيئية.

شروق طالب 

 ومع تزايد الاهتمام العالمي بهذا النهج، بدأت عدة دول، من بينها الجزائر، في تبني استراتيجيات للاستثمار في هذا القطاع الواعد، بهدف دعم النمو الاقتصادي، وتعزيز الأمن الغذائي، وخلق فرص عمل، مع احترام المعايير البيئية.

فكيف تتجه الجزائر نحو تفعيل الاقتصاد الأزرق؟ وما هي أبرز الخطوات والإنجازات التي حققتها في هذا المجال الحيوي؟ 

شركة تسيير موانئ الصيد البحري والنزهة... في قلب الاقتصاد الوطني الأزرق 

في ظل التوجهات الاستراتيجية للدولة نحو تنمية الاقتصاد الأزرق وتعزيز استغلال الثروات البحرية بشكل مستدام، تبرز شركة تسيير موانئ الصيد البحري والنزهة (SGPP) كعنصر محوري في تطوير البنية التحتية البحرية الجزائرية، وتحديث موانئ الصيد والنزهة، بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ويعزز من قدرة الجزائر على ولوج الأسواق البحرية الدولية.

وللتعرف أكثر عن الشركة، كان لجريدة بركة نيوز لقاء مع وردة بن دريس مسؤولة الإعلام والاتصال بشركة تسيير موانيء الصيد البحري والنزهة الجزائر.

حيث أوضحت ان شركة SGPP هي مؤسسة عمومية اقتصادية تابعة لمجمع الخدمات المينائية "ساربور"، وتخضع لوصاية وزارة النقل. 

توظف المؤسسة حوالي 1000 عامل، وتضطلع بمهمة تسيير وتطوير 46 ميناء وملجأ صيد ونزهة، موزعة على 14 ولاية ساحلية، عبر شبكة وحدات محلية.

 

نحو موانئ حديثة... لخدمة الصيد والنزهة والاستثمار

وفي هذا الشان، عملت الشركة حسب ما ذكرته بن دريس، على عقلنة استغلال الموانئ وتحسين المرافق من خلال استثمارات نوعية، ساهمت في رفع القدرة الاستيعابية للموانئ وتحسين ظروف العمل والسلامة داخل الأحواض البحرية.

ومن أبرز ما قامت به الشركة في هذا الاطار كشفت بن دريس، عن إنجاز 9200 متر طولي من الأرصفة العائمة، لاستيعاب 2500 قارب يقل طولها عن 10 أمتار، بناء 18 مرأبا متعدد الطوابق لتخزين 1500 قارب يقل طولها عن 7 أمتار، بجانب إعداد 46 مخطط رسو لتحسين تنظيم الملاحة داخل الموانئ.

إضافة الى إنشاء 110 محلا تجاريا لدعم الأنشطة المرتبطة بالصيد والصيانة، تجهيز 13 محطة وقود بحرية، و15 مصنعا للثلج، و10 مخازن تبريد لحفظ المنتجات السمكية، وبناء 16 ورشة لصناعة السفن، بهدف دعم بناء السفن الكبيرة الموجهة للصيد في أعالي البحار.

 

موانئ نموذجية للنزهة البحرية... نحو تنمية سياحية مستدامة

وفي إطار تطوير النشاطات الترفيهية والنزهة البحرية، أكدت بن دريس بان الشركة عملت على إنجاز ستة موانئ نموذجية لتكون قطب جاذب للمواطنين والمستثمرين، من بينها

ميناء الصابلات بالجزائر العاصمة، ميناء سطورا بسكيكدة، ميناء تالة إيلاف بجاية، ميناء وهران، ميناء العوانة بجيجل، وميناء مرسى بن مهيدي بتلمسان.

وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز التكامل بين الصيد والنزهة والسياحة البحرية، وتحقيق التوازن بين الأنشطة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

واستجابة لمخططات تطوير الصيد في أعالي البحار، منحت الشركة 15 ترخيصا لبناء سفن كبيرة في مواقع ذات مؤهلات تقنية مناسبة. 

وحاليا تنشط 5 ورشات لبناء السفن، قامت بإنجاز سفن تونة يصل طول بعضها إلى 42 مترا، تُساهم فعليا في الإنتاج الوطني، مع تطلع لتصدير هذه السفن نحو الأسواق الإفريقية الواعدة، حسب ماذكرته بن دريس.

 

التحول الرقمي... موانئ ذكية في خدمة المستثمرين

وفي خطوة نحو التحول الرقمي، كشفت ذات المتحدثة عن مشروع إطلاق منصة إلكترونية لتلقي طلبات تراخيص الاستغلال، سواء لاستغلال الأرصفة البحرية أو المساحات اليابسة. 

كما شرعت الشركة في رقمنة التسيير الداخلي لمواردها البشرية والمالية ومتابعة استثماراتها، بما يعزز من الشفافية والفعالية في الخدمة العمومية.

 

مشاريع مستقبلية وأهداف استراتيجية

وفي هذا الصدد، قالت بن دريس بان الشركة تسعى لأن تكون ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الأزرق من خلال تطوير موانئ مستدامة تراعي المعايير البيئية وتوفر فضاءات آمنة ومنظمة للمهنيين والمتنزهين، فضلا عن تعزيز التعايش بين الصيادين والمواطنين داخل الموانئ، من خلال تنظيم الفضاءات وتوزيعها بطريقة عقلانية.

إضافة الى تشجيع الاستثمارات المحلية عبر فتح الأبواب أمام الشباب والمؤسسات الوطنية الراغبة في الاستثمار في مجالات الصيد، النزهة البحرية، صناعة السفن، وتجارة معدات الصيد.

كل هذا للمساهمة في حماية البيئة البحرية من خلال تهيئة الموانئ بما يتماشى مع متطلبات الاستدامة، وكذا الانفتاح على التعاون الدولي والمشاركة في المبادرات الإقليمية لدعم الاقتصاد الأزرق في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.

كما دعت بن دريس المستثمرين الجزائريين، أفرادا ومؤسسات، الراغبين في دخول غمار الاستثمار في الموانئ والأنشطة البحرية، للتقرب من مصالح الشركة الجهوية أو المركزية، من أجل مرافقتهم وتوجيههم نحو مشاريع واعدة ومستدامة.

 

مشروع مبتكر...منتجات لتربية الأحياء المائية

بهدف الاستخدام المستدام للموارد البحرية من أجل تحقيق نمو الاقتصاد الوطني الأزرق، قامت قطاف بشرى، طالبة متخرجة من المدرسة الوطنية العليا لعلوم البحر وتهيئة الساحل، بتطوير منتوجات طبيعية تساهم في الحفاظ على الثروة السمكية.

أوضحت قطاف أنه في إطار مذكرة تخرجها، قامت بإنجاز مشروع مبتكر يهدف إلى تطوير منتجين طبيعيين لتربية الأحياء المائية المستدامة.

المنتج الأول يعنى بتنقية المياه، ويعتمد على النفايات الزراعية، وخاصة قشور الرمان، وهو مصمم لتحسين جودة المياه وتقليل الملوثات.

أما المتج الثاني، فهو عبارة عن علف أسماك صديق للبيئة، مصنع من مكونات محلية وطبيعية، يهدف إلى تعزيز صحة الأسماك ونموها مع تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة. 

وابزرت قطاف أن هذا المشروع المزدوج، يساهم في تثمين المنتجات الثانوية الزراعية، والأمن الغذائي، والأهم من ذلك، دعم الاقتصاد الأزرق في الجزائر.

مشروع مبتكر ... مرطب للوجه مستخلص من الموارد البحرية 

وفي هذا السياق، اوضحت لينا بن سعادة، متخرجة من المدرسة الوطنية العليا لعلوم البحر وتهيئة الساحل، أنها اختارت في مشروع تخرجها، التوجه نحو عالم العناية بالبشرة، من خلال صناعة كريم مرطب للوجه مستخلص من الموارد البحرية، تحت اسم بلو ويف.

وأضافت بن سعادة، أن منتجها للعناية بالبشرة يعتمد على الكولاجين البحري، ويعمل على ترطيب وتجديد البشرة بعمق، حيث تمت صياغته بمكونات مختارة بعناية لتوفير ترطيب مكثف، ودعم مرونة البشرة، وحمايتها من الجفاف والعوامل الضارة.

وذلك بفضل الخصائص المعروفة للكولاجين البحري، مما يجعله يساهم أيضا في تأخير علامات التقدم في السن، ويحافظ على البشرة ناعمة، مرنة، ومشرقة.

 

المتحف العمومي الوطني البحري... دمج الثقافة في الاقتصاد الأزرق

في هذا السياق، أجرت جريدة بركة نيوز لقاءً مع الدكتورة مقراني أمال، مديرة المتحف العمومي الوطني البحري، التي أوضحت أن المتحف هو مؤسسة ثقافية تعمل على حماية وصون الموروث الثقافي الجزائري، الذي أنتجه الإنسان من خلال تفاعله وتعايشه مع البحر عبر العصور، ابتداءً من فترة ما قبل التاريخ، مرورا بالفترة القديمة والوسيطة، وصولا إلى الحضارة الإسلامية، وبالأخص الحقبة العثمانية، إلى يومنا هذا.

وأشارت إلى أن المتحف لا يقتصر على عرض ما أنتجه الإنسان فقط، بل يشمل أيضا الاستعمالات التقليدية للقواقع والأصداف البحرية، إلى جانب العناصر المغمورة تحت الماء، مثل حطام السفن والمعالم البحرية الأخرى.

ويضم المتحف معرضين أساسيين: الأول يعرض العناصر الثقافية الموجودة على الشريط الساحلي، بما في ذلك تلك المغمورة في المياه.

أما المعرض الثاني، فهو أرشيف خاص بالفترة العثمانية، يُبرز مكانة الجزائر في التجارة البحرية وقوة أسطولها خلال تلك المرحلة.

وأكدت مقراني أن الهدف الأساسي من هذه الأنشطة هو تثمين الموروث البحري والتعريف به، سواء من خلال التنقل نحو المؤسسات التربوية والمدارس، أو عبر استقطاب الزوار داخل المتحف.

وشددت على أن هذا التراث الثقافي البحري يشكل جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد الوطني الأزرق، كونه يُساهم في التنمية المستدامة من خلال السياحة الثقافية، والتربية البيئية، وحفظ الهوية البحرية الوطنية.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services