61

0

العناد السلبي .... بداية نحو التمرد و الانحراف التربوي

يعاني العديد من الأولياء من السلوكيات السلبية عند الأطفال والتي تصبح مع الوقت، ظاهرة يصعب التعامل معها تربويا ، خاصة عندما تفتقر تلك الأسرة للآليات التربوية الذكية و السليمة للتنشأة السليمة المتزنة، فيصبح التوجيه العقابي أمرا  حتميا للحد من تلك السلوكيات ،التي غالبا تزداد حدة و سلبية بسبب المنهاج التربوي الخاطئ.

شيماء منصور بوناب

و من بين المشاكل التربوية التي تعرفها الأسرة الجزائرية، والتي لها تَبعات جد سلبية مستقبلا على الطفل من حيث تكوين شخصيته، هي "العناد السلبي " التي يمثل حسب المختصة التربوية و الأسرية، الكوتش نايت مسعود فاطمة،  سلوك معادي ينتهجه الطفل  لكي يثبت وجوده  و يفرض قراراته على أسرته.

العناد السلبي... ظاهرة تربوية تنخر الأسرة الجزائرية

أما العناد بصفة عامة فهو حالة عادية ينتهجها الطفل في بدايته الأولى ليُكون مهاراته وقدراته،    لكن أحيانا سوء تعامل الأسرة مع هذا السلوك قد يجعله حالة سلبية تتفاقم تدريجيا.

 وأشارت أن الطفل من السنتين إلى   خمس سنوات،   يحاول أن يكون ذاته  فيتخذ من العناد و  الرفض  سلوكا ليثبت وجوده فعليا، فيكون على الأسرة  أن تتعامل معه  بطريقة انسيابية عبر فتح الخيارات أمامه ليختار ما يريد وحسب ما تمليه ضوابط الأسرة التي حُددت مسبقا في تلك الاختيارات.

وأضافت الاستشارة التربوية أن العمل على تضييق الإختيارات للطفل و فرض سلوك معين عليه ، يحدث  اهتزاز عاطفي  قد يتحول  إلى عناد سلبي،  يصبح أكثر حدة  عندما تكثر الأسرة من التوجيهات والانتقادات واللوم، حينها يصبح  الطفل في حالة دفاعية شرسة تزيد المقاومة بشتى الطرق العدائية.

كما أن العناد الفوضوي   لا  يظهر من العدم، انما  بحكم التراكمات و  الصراع مع الطفل، الذي تعتقد الأم أنه يتحداها بتصرفاته السلبية في حين أنه ينتظر منها أن تتقبل وجوده و شخصيته.

وفي هذا الصدد تؤكد الاستشارية، أن العناد يصبح اضطراب حين لا تحسن الأسرة التعامل معه من خلال فرض قيود دائما  على الطفل دون إعطائه مساحة للاختيار، مثل " اختيار لون الملابس أو اختيار بعض الأطعمة ....

وتابعت، يجب أن تكون تلك الاختيارات محددة مسبقا من قبل الأم أو الأب   لكي  لا يتعد الطفل حاجز الخطوط الحمراء الممنوعة في الأسرة.

الدلال المفرط بداية للعناد السلبي

حاجز الصراع يزيد  عندما  نفرط في الدلال بشكل مبالغ، فيصبح الطفل مبرمج على سلوك الأخذ بشكل مفتوح أي يأخذ ما يريد دون نقاش،  لكن فور  رفض  طلباته تنشأ حالة من العصبية أعراضها ظاهرة و حادة على الطفل في شكل صراخ و بكاء .....

ولتفادي تحول الدلال إلى عناد،   قالت، لابد على الأم أن تحسن تعاملها مع الطفل باستراتيجيات  تربوية ذكية  تسمح ببناء شخصية  متوازنة للطفل  تنطلق من فهم شخصيته و ما يريده و ما ينقصه.

مشيرة لضرورة   اختيار أدوات تربوية   مناسبة لحالة الطفل ، مع استغلال صفة القيادية في المنزل لتطبيقها دون فرض قواعد صارمة تضيق على الطفل وكذا تجنب تام للعنف اللفظي و السيطرة المطلقة.

فضلا على تعزيز  أساليب التواصل،  مع ضمان المشاركة للطفل  في ابسط الأمور لكي نتفادى شعوره بالإهمال  خاصة وانه في فتره حساسة من تكوين شخصيته ونوجيه طاقاته.

العناد السلبي و استيراتجيات العلاج

وفي سياق العلاج من آثار العناد السلبي للطفل، أبرزت نايت مسعود دور الحوار  و الانصات للطفل،   والتعاطف معه  لأنه في مرحلة جد حساس تفرض الإمعان في أمنياته و طلباته  التي قد يؤدى إهمالها أو الإستخفاف بها الى ظهور حاله نفسية معقدة.

مشددة على أن الإهمال  يبرمج ذهن الطفل على العصبية و المشاغبة  حتى يشعر بوجوده  ،  لذلك لطالما دعا المختصون إلى توطيد العلاقة بين الوالدين و الأطفال بعيدا عن السيطرة.

أما فيما يخص  العقوبات،  تفيد الكوتش أن ما هو شائع من ممارسات عقابية تربوية، هو عبارة عن أوامر وسلوكيات غير مدروسة و لا تناسب حالة الطفل  مثل ترك الطفل دون إيضاح  ما أخطأ فيه  مع ممارسة  الصمت العقابي معه  او اختيار العنف اللفظي كوسيلة للتهذيب، وهو ما نجده شائعا في الاسرة الجزائرية مع الأسف .

وبالنسبة لمترتبات هذا السلوك السلبي،  لفتت  إلى أن الإهمال في الطفولة يجعل الطفل في مرحلة المراهقة انسان مختلط المشاعر معقد نفسيا، علاقته مع أولى أمره متوترة يصعب بناء علاقة سليمة معهم بسبب الانفصال النفسي و التواصلي في مرحلة الطفولة من السنوات الأولى للطفل.

وعلى ضوء ذلك تدعو الكوتش الى  الضرورة الملحة للتواصل مع الطفل و إيصال رسالة واضحة له  تفيد "انه  محبوب و مهم في الاسرة"، فحتى و ان لم يفهمها الا ان عقلها الباطني من الجانب اللاوعي سيترجمها بإشارة تبقى راسخة في نفسه.

كما أنه من المهم جدا دعم الطفل و تشجيعه على ما يقوم به مع التغاضي على بعض السلوكيات السلبية،  ليدرك مع تكرارها ومع بعض التنبيهات انها تحمل نتائج غير حميدة.

فإدراك الخطأ بنفسه يولد بذاته شعور بالمسؤولية،  والتقدير بعيدا عن العصبية و الصراخ والتمرد.

تشخيص استشاري يثبت أسباب العناد السلبي

وبالحديث عن بعض الحالات التي مرت على الكوتش، توضح أن السلوك العصبي للأم يجعل الطفل عنيد أكثر بسبب تدقيقها في كل سلوكياته  وأخطائه بوعي منها ومن غير وعي ايضا، وهو ما اعترفت به العديد من الأمهات التي قصدتني في استشارة" تضيف الكوتش".

وفي الختام، أكدت على أن القدوة الحسنة  للوالدين هي  مثال طيب  للتربية السليمة  للتخلص من العناد السلبي للطفل ، والتي تجعله ينشأ بشكل متزن  نفسيا وذهنا و تربويا بعيدا عن العقد النفسية.

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services