235

0

ألعابٌ غطت على جروح أمة مكلومة تنهشها ضباع الغرب و تغدر بها كلاب الشرق

الألعاب الأولمبية " مفسدة للشعوب، و ليست فقط أفيون الشعوب" !!‬

مصطفى محمد حابس: جينيف / سويسرا 

أدان- منذ أيام - الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الإساءة للأديان عموما وللسيد المسيح خلال حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، معلنا، إطلاق حملة للدفاع عنه، جاء ذلك وفق بيانات صادرة أيضا عن الأزهر الشريف والمجلس الأوروبي للإفتاء وغيرهم، تعليقا على ما جاء في افتتاحية دورة الألعاب الأولمبية "باريس 2024" التي تستمر فعالياتها حتى 11 أغسطس/ آوت المقبل، و تستمر أسابيع أخرى للرياضات الخاصة، "الألعاب البارالمبية الصيفية" على الأراضي الفرنسية في الفترة ما بين 28 آوت و8 سبتمبر..

ولاقت عروض الافتتاحية انتقادات "حادة"، مع تضمنها ترويجا للمثلية الجنسية، وذلك خلال إقامة لوحة "العشاء الأخير" لليوناردو دا فينشي، والتي تصور المسيح مع تلاميذه أثناء تناول الطعام بصورة لاقت استنكارا، وفق تقارير إعلامية..

وأعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيانه، عن استيائه الشديد، مؤكدا أنه "شهد إهانة صارخة للأديان، وإساءة بالغة لأنبياء الله عليهم السلام، وبخاصة سيدنا المسيح، وحوارييه." وأكد أن "ما حدث في هذا الحفل يمثل انحداراً أخلاقياً غير مسبوق، وتعدياً سافراً على القيم الروحية والمبادئ الإنسانية، وتعدٍّ على مشاعر جميع المؤمنين بالله تعالى ورسله، وإهانة لأعمق قناعاتهم، ويمثل انتهاكاً صارخاً لما يجب أن تكون عليه الرياضة من روح وحدة وتفاهم ..".

 

وأضاف: "إننا نشهد اليوم انحداراً متزايداً للقيم الغربية في جميع مجالات الحياة، حيث تخلت عن القيم الروحية والأخلاقية، وأصبحت تروج للتفكك الأسري، واللامبالاة بالعلاقات الإنسانية، والانحطاط الأخلاقي."

كما دعا الاتحاد "الأئمة والخطباء - خاصة في اوروبا - إلى التركيز في خطبهم ودروسهم على ضرورة احترام جميع الأنبياء والمرسلين وأن الإيمان بهم ركن من أركان ديننا الحنيف، والتأكيد على مكانتهم العظيمة في جميع الأديان السماوية ..".

الألعاب الأولمبية غطت على جراح أمتنا الإسلامية المكلومة بما فيها حرب غزة

ومن جهة أخرى لاحظت كما يكون قد لاحظ غيري، هذه الأيام تحديدا كيف غطت الألعاب الأولمبية في باريس على أخبار العالم، منها خصوصا التغطية على جراح أمتنا الإسلامية المكلومة بما فيها حرب غزة، وباتت أخبار الرياضة حديث العام والخاص، و بلغة هجينة مقرفة، لا عربية ولا فرنسية في الشارع العربي والمغاربي خصوصا.

و قد كتب لي أحد الأفاضل، ردا على استفساري، عن هذا السقوط الحر و هذا التدني في المستوى و هذه التعابير السوقية في وسائل الإعلام خاصة و العامة، حتى لدى مثقفينا و كبار القوم في المجتمع، يصعب عليهم التلفظ بجملة عربية فصيحة كاملة، إلا و أدخلوا عليها كلمات بفرنسية مكسرة!!

كنت أظن أن هذا الأمر خاص بجيل آبائنا، وقد أكل عليه الدهر و شرب، إلا أن الأمر اليوم استفحل و بات أدهى و أمر، فحتى نوابغ طلبة البكالوريا هذه السنة و من هذه الأجيال، لا يخلوا تدخل اعلامي بالعربية، إلا و لوثته كلمات فرنسية هجينة!!

اللغة الفرنسية فوق القانون في دول المغرب الإسلامي !!

فكلمت محدثي، لماذا دولنا لا تقنن لهذا المسخ، ونحن بلد إسلامي، ولغته العربية لغة الوحي الإلاهي، و فرنسية المستدمر لم تعد لا لغة علم وبحث، ولا حتى لغة رياضة!! فرد علي متحسرا، بقوله:"أكبر شيء فوق القانون في الجزائر ودول المغرب الإسلامي هي اللغة الفرنسية، لا هي مقننة ولا هي مسترة، لكنها متداولة في كل ورقة رسمية و غير رسمية بل حاضرة ومتداولة و على لسان كل فرد منا مسؤولا كان أم مواطنا عاديا!! وهذا أحد أسباب انخفاض مستوى الإنتاج الفكري الكمي والنوعي عند نخبنا و باحثينا و أساتذتنا.. " !!

واليوم بمناسبة هذه الألعاب الدولية عادة اللغة الفرنسية بقوة، خاصة في مستعمراتها القديمة، منها العديد من دولنا العربية و الإفريقية المشاركة في هذا " المأتم" الرياضي الذي يفرض فيه العري و المجون، ناهيك عن أمور أخرى في المدن المنظمة لها من سكر و إباحية وفسق، وهذا لمدة أسابيع طوال، أضرت بجاليتنا كما أضرت بالعائلات الفرنسية المحافظة !!

الألعاب " فرجة وفسحة" لجاليتنا العربية والمسلمة في فرنسا، و لكن..

لأنه رغم ذلك، بالنسبة لجاليتنا العربية والمسلمة في فرنسا، هناك " فرجة وفسحة" ، لا تغيب على الأذهان، و هناك أكثر من 420 رياضيًا عربيًا يشاركون في دورة الألعاب الأولمبية في باريس والتي ُفتحت أشغالها منذ يوم 26 يوليو/ جويلية الماضي، في مختلف الرياضات التي أظهرت في الحدث الرياضي الأكبر في العالم، ومن بين المشاركين العرب هناك من تذوق طعم الذهب الأولمبي من قبل، وهناك من نال ميداليات فضية أو برونزية، وهناك من يشارك للمرة الأولى.. وتضع الشعوب العربية والإسلامية آمالا عريضة على عدد من الرياضيين، الذين من المتوقع ظهورهم بشكل مشرف في الدورة، ما بين لاعبين فرديين، أو في منافسات الزوجي، أو حتى فرق جماعية.

لماذا هذا التجني على تظاهرة رياضية ونعتها بـ"أفيون الشعوب" أو "مفسدة الشعوب":

رغم كل هذا، فقد يتساءل القارئ الكريم، لماذا هذا التجني على هذه التظاهرة الرياضية ونعتها بـ "أفيون الشعوب" أو "مفسدة الشعوب"، علما أنها شيء أساسي بل مرغوب فيه ومطلوب لشبابنا وشباتنا، وقد أمر الدين الإسلامي بالرياضة، ورغب فيها، كما جاء في الأثر المنسوب لسيدنا عمر رضي الله عنه: "علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"؛ هذا القول الذي ينسب خطأ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يرد بهذا اللفظ أو هذه الصيغة، وإنما الذي ورد ما أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ، وَالْمَرْأَةَ الْمِغْزَلَ».

وعن بكر بن عبد الله بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ السِّبَاحَةَ والرِّمَايَةَ، وَنِعْمَ لَهْوُ المُؤْمِنَةِ فِي بَيْتِهَا الْمِغْزَلُ».

كما أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام: "أنْ علِّموا أولادكم السباحةَ والفروسية"..

وهنا، دون الاطناب في التفسيرات، فقد فصل وفرق الإسلام في فنون الرياضة، ما هو نسوي وما هو ذكوري، ما هو مطلوب للشباب فقط و ما هو حصري للشابات فقط، و ما المشترك بينها، وبالتالي إذا لم تقنن هذه الرياضات في عالمنا الإسلامي وفق هذا المنهج الرباني، فحق لبعضنا أن يسميها " الرياضة مفسدة للشعوب، وليست فقط أفيون و مخدر للشعوب "!!

من منا لم يقرأ، أو يسمع هذه العبارة، التي قالها الفيلسوف والاقتصادي الألماني، منظر الشيوعية، كارل ماركس (5 مايو 1818م – 14 مارس 1883م). وقد وردت في كتاب ماركس "نحو نقد فلسفة الحق الهيجلية" 1844″ نص الاقتباس الكامل كالتالي:"إن التعاسة الدينية هي، في شطر منها، تعبير عن التعاسة الواقعية، وهي من جهة أخرى احتجاج على التعاسة الواقعية، الدين هو تنهيدة المضطهد، هو قلب عالمٍ لا قلب له، مثلما هو روح وضع "شروط" بلا روح، إنه أفيون الشعب، وهي بالتأكيد عبارة يرفضها أصحاب الديانات السماوية عموما، فما بالك بأصحاب الرسالة الخاتمة أمثالنا !!.

وقد يتملكنا الفضول أن نعرف لماذا قالها أو ما هي الأسباب التي دفعته لقول هذه العبارة سيئة السمعة و المخدشة للأعراف الأديان، وقد قلب باحثون معاصرون في حياة ماركس وفكره، وخلص بعضهم إلى أن ماركس اعتقد أن للدين بعض الوظائف العملية في المجتمع تشبه وظيفة الأفيون بالنسبة للمريض أو المصاب فهو يقلل من معاناة الناس المباشرة، ويزودهم بأوهام طيبة، ويقلل أيضا من طاقتهم واستعدادهم لمواجهة الحياة الصعبة، عديمة القلب والروح التي أجبرتهم الرأسمالية أن يعيشوها . الأمر الذي أقنع ماركس أن الدين هو مؤسسة اجتماعية، تنتعش في مجتمع معين، وأنها اداة يستخدمها الرأسماليون ليتحكموا بالطبقة العاملة "البروليتاريا" ويرى أن الدين يمد الطبقة العاملة بالراحة في ظل العقبات البائسة التي يعانون منها، حيث أنه يركز على ما ينتظرهم من المتع بعد الموت، فهو لا يجذبهم الى تحسين ظروفهم الحالية ودفعهم إلى الأمام.

إلى جانب ذلك ما كانت تفعله الكنيسة في العصور الوسطى من فرض آرائها بالقوة، حتى لو كانت تتعارض مع الحقائق العلمية الثابتة، وفي سبيل ذلك، ارتكبت أفظع المجازر من اعتقال، وحرق، وإعدام، على الخازوق، ضد العلماء الذين تبنوا آراء غير ما كانت الكنيسة تعتقد !!

ومن ضمن الأشياء، التي لاحظها كارل ماركس وأهمها كيف كان يستخدم القساوسة الدين في سبيل أهدافهم، وغاياتهم وجعل الدين وسيلة، لتخويف الشعوب، واستخدامه في سرقة وجمع أموال الناس، وتميعه مع مصالحهم، طبعًا ناهيك عن الفضائح الجنسية وحالات الاغتصاب وتفشي الفساد، كل ذلك كانت تفعله الكنيسة باسم الرب ، حينها نطق "كارل ماركس" تلك العبارة .يقول كوستي بندلي في كتابه "إله ماركس وإله المسيحيين": هذا الدين الذي اعتبره ماركس مخدراً للمظلومين يمارسه أيضاً السادة الظالمون. ولكن معناه يتحول بين أيديهم إذ يصبح عندهم وسيلة للحيلولة دون ثورة العبيد، لإبقائه في حالة الرضوخ لواقعه. وهكذا فالدين الذي اخترعه المظلوم ليخرج من شقائه يصبح بين يدي الظالم وسيلة لاستعباده " وفي هذا الصدد يكون كارل ماركس كان على صواب ومحق في تفكيره، لأن الواقع في ذلك الزمان، يشهد بأن الكنيسة تخبر الشعوب، كما كانت الطرقية تغدر شعوب العالم الإسلامي، ألم نقرأ عن بعض الدراويش في تاريخ الجزائر، قولهم " أن فرنسا قدر من الله صبه علينا، يجب أن نقبله و نطيعها ولا نقاتل جنودها"، أو شيء من هذا القبيل !!  

وقد يعارض، هذا الطرح، بعض الأفاضل، بقولهم، إنه فرصة العمر لكسب الأموال و الألقاب، في تظاهرة رياضية دولية، و رفع رايات الدول و قيمها !! 

لماذا يفر شبابنا من الخدمة العسكرية وهي رياضة فن تدريب و تكوين للجسم و ترويض للروح ؟؟..

كثير من شبابنا يحب الرياضة لكنه لا يفضل إمضاء سنة واحدة من عمره في خدمة "الواجب الوطني" الخدمة العسكرية، علما أنها تدريب على فن القتال وحمل الاثقال ومجابهة الصعاب وترويض للجسم و الروح من الخمول والكسل اليومي .. أما الرياضات القتالية فهي تدريبات تجمع بين قوة الحركة وسرعة رد الفعل وهي تتميز بحضور البديهة واليقظة الذهنية لأخذ قرار التحرك في الوقت المناسب، لذلك سميت الملاكة بـ "الفن النبيل". هذه المميزات تعزز مع القوة و القدرات الذهنية وترفع مستوى اللياقة تدريجيا.

ولم يكتف المدربون بفنون القتال الكلاسيكية وظلوا يطورون الحركات ويتفادون النقائص لضمان أكبر قدر ممكن من النشاط لكل أعضاء الجسم، فلماذا يرفض شبابنا أداء واجب الخدمة الوطنية العسكرية؟؟.. بل يلفقون ملفات طبية لكي لا يؤدون الخدمة، وهذا ما وقع مع ابن شقيقي هذه السنة، حيث وقع حادث كسر في الحوض لوالده، ولا زال يعالج لحد الساعة بالتدريبات و الدلك لدى طبيب عظام مختص، فطلب منه أحد أبنائه، أن يساعده في تحضير ملف طبي "مكذوب"، على أن والده، له إعاقة طويلة الأمد، أو دائمة، لكي يقدمها لسلطات الخدمة العسكرية، قصد إعفاءه من الخدمة، بحجة أنه هو الذي يتكفل بالعائلة لأن والده لا يستطيع الشغل، بل قد يصير معاقا 100 %، لا قدر الله!! عجيب أمر شباب اليوم، لكن الحمد لله أن والده كان وطنيا مسلما، وقال له، يجب أن تؤدي الخدمة العسكرية كباقي أبناء الشعب، مذكرا إياه أن عمه - أي كاتب هذه السطور - أدى الخدمة العسكرية، سنتان كاملتان، برتبة ضابط احتياط، ولم يتغيب ولو يوما واحدا، عن أداء الواجب، بعذر أو بغير عذر!!.

سنتان من أحلى أيام عمري في الخدمة العسكرية !!

أذكر في نهاية تسعينات القرن الماضي، أننا نظمنا في مسجد طلبة جامعة الجزائر، حفلا لتكريم الحائزين الجدد على شهادة البكالوريا، وقد قُدِّمت كلمات توجيهية، من طرف إخوة أساتذة أفاضل، قصد الاختيار الأمثل في توجيه الطلبة، للشُعب والتخصصات الأليق في المعاهد والجامعات داخل الوطن و خارجه، فاستغربت أن بعض الأساتذة الأفاضل وهم كثر يوصون التلاميذ بل ينصحونهم بعدم التسجيل في المدارس العليا العسكرية، لأنه - حسب زعمهم - التكوين هناك، لا يراعي الدين ولا الأعراف، و لن يتعلم الطالب هناك إلا فنون الشتم والقذف و الصعلكة، بل فيهم من قال يخرج الطالب مزود بحيل ومكائد السيطرة على الآخر!! ولكي لا يسترسل، هؤلاء الأساتذة - سامحهم الله - في هذا النصح الأعوج الأفلج، أخذت الكلمة للتوضيح و الاستفسار، متسائلا أولا أنه لا يحق لمن لم يؤدي بعد الخدمة العسكرية أن ينصح الناس عن أمور يجهلها ولا يعلم عنها إلا بالقيل و القال، فالعبد لله أدى الخدمة العسكرية، برتبة ضابط احتياط، في المدرسة الوطنية العليا للقوات (...)، و أفصحت لهم بقولي :" لقد أمضيت فيها سنتان من أحلى أيام عمري - صدقا لا تزلفا - و تعلمت فيها أشياء كثيرة وممتعة، ووجدت فيها رجالا، يحبون الله و رسوله، أحسن من حبهم لذواتهم، و وجدت غير ذلك طبعا..

بل أذكر اننا كنا ثلاث ضباط ملتزمين نتنافس على الدعوة للخير بين الجنود و الضباط و نخطب في الناس يوم الجمعة، و هناك تعلمت تقنيات الكتابة والخطابة الملتزمة و ضوابط الخطيب، علما أن تكويننا الثلاثة لا علاقة له بالعلوم الشرعية، و أذكر أني طالعت ما يزيد عن عشرين كتابا في 48 يوما الأولى من تدريبنا العسكري المنضبط جدا، بعدها حولنا للمدرسة العليا بعد التكوين الإجباري المشترك في ستة أشهر، و مكثنا بها سنة ونصف، وكانت حينها - المدرسة الوطنية العليا للبحرية الوطنية - خالية من أي مظهر من مظاهر التدين والالتزام، وكان فيها طلبة من دول شقيقة مسلمة وصديقة، خاصة و هي على شط بحر الأبيض المتوسط، فيسر الله لنا في تلك الفترة الوجيزة، - نحن الثلاثة رفقة بعض الطلبة فتح مسجدين، أو قاعتي صلاة في إقامات الطلبة، واحدة للطلبة الضباط و أخرى للطلبة صف الضباط، وذلك بتوفيق من الله وحسن تدبيره، وكانت لنا حكاية و مغامرات، خاصة لما يرافق بعضنا طلبتنا الى مخابر المدرسة العسكرية المتعددة التقنيات ببرج البحري ،أو في تربصات أخرى خارج الوطن، كيف يمتحن الطلبة الشباب في تلك الزيارات في بلاد الغرب، التي توزع فيها مسكرات و خمور و أمور.. لذلك تكوين الرجال الأكفاء الأنقياء و النساء العفيفات الشريفات ليس بالأمر الهين لا على الشعوب و الدول فحسب ، بل حتى على الأسر المسلمة الملتزمة ذاتها !!؟؟

أمنية سيدنا عمر(رضي الله عنه) تعلمنا قيمة الانسان المسلم !! ..

و لعل هذا الاستفسار يذكرنا بما حدث مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما كان بين جلسائه من الصحابة فقال لهم تمنوا.. !!…

ففي دار من دور المدينة المنورة جلس سيدنا عمر إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا. فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندرى ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.

إن أمنية سيدنا عمر تعلمنا قيمة الانسان في وعي سيدنا عمر وأهميته في بناء المجتمع والدولة وتحقيق الحضارة و ازدهار الشعوب !!.

فعمر الملهم، كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم !!

فالمجتمعات والأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن من الناس الذين يتحركون في التاريخ ويغيرونه بإراداتهم القوية وقلوبهم المؤمنة وأفكارهم الواضحة الفعالة وأعمالهم المثمرة.

ولهذا تمنى سيدنا عمر رضي الله عنه تلك النوعية التي ذكرها من الرجال، وعرف أن الأمة تقوم وتستمر وتسود بالرجال وليس بالمال والثروات، لأن الرجال هم من يصنعون تلك الثروات والأموال والمنجزات. فالإنسان هو أغلى رأسمال يملكه المجتمع، وبخاصة تلك النوعية من الرجال الصالحة المصلحة صاحبة القلب المؤمن والعزيمة القوية والفعالية القصوى.

وهي نوعية قليلة في المجتمعات لكن تأثيرها بالغ الأهمية؛ فإن أدركت المجتمعات قيمتها استفادت منها وحققت أهدافها، وإن أخفقت المجتمعات في الوعي بوجودها والاهتمام بها مضت في صمت او عاشت في الهامش أو لم ينتبه لها الناس حتى يفوت الوقت.

ولعل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة) ينبهنا إلى قلة هذه النوعية وأهميتها، والى ضرورة الاهتمام بها، لأن الرجل الصالح الكفء "هو إكسير الحياة، وروح النهضات، وعماد الرسالات ومحور الإصلاح، في المجتمع حيثما حل أو أرتحل!!".. و لله في خلقه شؤون !!

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services