454

0

الباحث والمؤرخ عامر رخيلة يروي لبركة نيوز تفاصيل يوم النصر ويؤكد أن البعد التاريخي للخطاب السياسي الجزائري يدعو للفخر والإعتزاز

19 مارس 1962 تاريخ يحمل الكثير من المعاني والعبر، يوم النصر ووقف إطلاق النارجاء تتويجا للمفاوضات العسيرة بين الثورة الجزائرية بقيادة جبهة التحرير الوطني والاحتلال الفرنسي، هذه المفاوضات التي جرت فوق التراب الفرنسي، واعترفت فرنسا بموجبها باستقلال الجزائر استقلالا كاملا في إطار وحدتها الترابية والسيادة الكاملة.

في هذا الصدد جمعنا لقاء شيق مع الدكتور عامر رخيلة أستاذ جامعي بكلية العلوم السياسية ورجل القانون والباحث في تاريخ الحركة الوطنية حيث تطرق  للكثير من تفاصيل الثورة التحريرية والحركة الوطنية مشيرا إلى العديد من المحطات والمراحل التاريخية التي عرفتها الجزائر.

 أجرت الحوار نزيهة سعودي

 تحل علينا ذكرى عيد النصر المصادف ل 19 مارس 1962، الذي يعد يوما تاريخيا حققت فيه الثورة الجزائرية ما ناضل من اجله أجيال عدة منذ عام 1830، كيف كانت بداية قصة عيد النصر؟

كل يوم من أيام  تاريخ الجزائر لا يكاد يخلو  من انتصارات وقضايا ذات صلة بالنضال الوطني، ومنذ أن وقعت أقدام الفرنسيين في الجزائر إلا وكانت هناك مقاومة شعبية وانتفاضة معبرة عن رفض الجزائريين للوجود الإستعماري.

من منظورنا الخاص ،إذا حاولنا تقسيم مرحلة الإسنعمار  ، ففي البداية من 1830 الى 1900  تعتبر مرحلة المقاومة الشعبية المسلحة، فمنذ قدوم القوات الفرنسية ونزولها في الجزائر لم يجد ترحاب بل مقاومة شعبية بعد أن تراجعت الإدارة العثمانية عن مهمتها وجد الشعب الجزائري نفسه أمام مسؤوليته في الدفاع عن أرضه والحفاظ عن مقومات شخصيته، ومن أجل ذلك خاض الشعب الجزائري ما لا يقل عن 80 انتفاضة ومقاومة وثورة  وكان الضحايا بالآلاف، لدرجة ان الجزائر تعرضت لكارثة ديمغرافية فعلا نتيجة نهج الإدارة الاستعمارية  لإعطاء الطابع الأوروبي للجزائر في إطار استعمار استطاني تميز بمجازر بشرية لتحقيق إبادة للشعب الجزائري نتج عنها التفوق العددي للجنس الأوروبي عن الجنس الجزائري ، فبعد أن كان عدد السكان في الجزائر بين 5 و8 ملايين في سنة 1830 ، أصبج  أقل من 2مليون في 1871.

في سنة 1900 كانت معطيات جديدة في العالم انعكست على الجزائر لان العالم أصبح يتبلور في اتجاه وجود دول امبراطورية استعمارية كلها أوروبية في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية، ولكن على المستوى الداخلي في الجزائر بدأ يأخذ النضال الشعبي طابع اخر وهو النضال المطلبي والسياسي والاجتماعي والثقافي، من خلال جمعيات أهلية ومدنية تركز على العقيدة الإسلامية وحماية الثقافة العربية الإسلامية والمحافظة على الذات الجزائرية.

وفي 1926 دخلنا مرحلة النضال السياسي في إطار الشرعية الفرنسية وهي مرحلة المواجهة المنظمة حزبيا وفكريا وثقافيا وهنا تبلورت التيارات الوطنية وظلت تتقاسم الشارع الجزائري لغاية ظهور الجبهة الموحدة في الفاتح من نوفمبر 1954بعد ان أدرك الشعب الجزائري ان الاستمرار في النضال السياسي لن يجدي نفعا.

مسارنا مشرف ترك رصيدا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا تمكن من مفاجأة العالم في النصف الثاني من القرن العشرين بثورة استطاعت أن تجمع الشعب بمختلف أطيافه حول هدف واحد وهو استرجاع الاستقلال المسلوب.

فالثورة أحدثت تغيرات على المستوى الافريقي والعربي، وأعادت الاعتبار ل10 ملايين من الجزائريين وجعلتهم فاعلين رئيسيين في عالم يتماوج فيه الأمم بين القطب الرأسمالي والشيوعي، فلم يكن بالسهل اتخاذ أي موقف استقلالي بين القطبين ولكن دائما تقول جبهة التحرير الوطني لا شرقية ولا غربية وأن استقلال الجزائر لن يكون مرهونة  بتيار من التيارات.

وبذلك تمكنت الجزائر من استرجاع السيادة الوطنية يوم 19 مارس كيوم مفصلي، يوم 18 مارس 1962 توصلت إتفاقيات إفيان للهدف المنشود وتم إعلان السلم بدءا من 19 مارس .

لذلك يعتبر هذا اليوم يوما للنصر ففرنسا كانت تراهن انها لا تخرج من الجزائر وديغول ظل يناور على إيجاد مخارج أخرى غير تقرير المصير، وقوى أخرى كانت تدعم الطرح الفرنسي ومع ذلك استمر الثوار على موقفهم مما يجعلنا نقول انتصرت إرادة التحرر في 19 مارس 1962 على إرادة الهيمنة اللاغية للتاريخ، فانتصر الشعب الجزائري بإعلانه القوي والصريح عن ارادته القانونية في استرجاع السيادة.

ومع ذلك لاحظنا بعد 1962 مباشرة انعكاس الخلافات والأزمات السياسية التي عرفتها الجزائر في السنوات الأولى من الاستقلال انعكست على تعاملنا مع 19 مارس وكأنه صار بمثابة يوم هزيمة، لكن تم توظيف العقل ورد الاعتبار لهذا اليوم بعد ان دخلت الجزائر في مرحلة التعددية الحزبية واعتبر منذ ذلك الوقت بأنه يوم النصر وطني.

عرفت مراحل المفاوضات التي أجراها الجزائريون بحنكة وعبقرية مشهود لها في التصدي لمحاولات فرنسا فرض منطقها، لاسيما في قضايا هامة ذات العلاقة بالسيادة والوحدة الترابية للبلاد، من أين اكتسب هؤلاء الشباب اللذين قادوا المفاوضات كل تلك الحنكة السياسية؟

بمجرد اندلاع ثورة نوفمبر انطلقت الوفود بشباب أبناء الحركة الوطنية ليسوا كلهم جامعيون ولكن منهم من يملك زاد من التكوين العلمي والاكاديمي وهم من خريجي صفوف نضال الحركة الوطنية بمختلف مكوناتها من جماعة فرحات عباس الى جماعة ميصالي الحاج إلى جمعية العلماء المسلمين.

وهنا يمكننا القول أن أول انتصار تحقق  في 6 اشهر من اندلاع الثورة حيث تم الاتصال بحضور ممثلي عن جبهة التحرير الوطني لمؤتمر باندونغ والذي يمثل أول نافذة للدخول للمنظمات الإقليمية في مؤتمر باندونغ مثلت الثورة من طرف ايت احمد واحمد يزيد ممن قاموا بالاتصال بالوفود المشاركة.

هذا المؤتمر مهم لأنه جمع 700 مندوب من مختلف أنحاء آسيا وإفريقيا وزعماء مثل الرئيس الصيني والاندونيسي ومجموعة من الدول ذات تأثير في الساحة الدولية، تمكنوا هؤلاء الشباب من أن يفتكوا من المؤتمرين توصية للأمين العام للأمم المتحدة بوجوب إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة التي كانت ستنعقد من سبتمبر إلى أكتوبر 1955.

هذه التوصية دعمت وفد  المؤتمرين ، وكانت النتائج مفاجأة لان اللائحة عرفت تصويت الأغلبية ، مما جعل الوفد الفرنسي يهدد بمغادرة أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي عضو في الحلف الأطلسي وعضو في مجلس الأمن ولها نفوذ على إفريقيا وآسيا ولها دعم من دول المجتمع الرأسمالي.

ويعود الفضل في بقاء القضية الجزائرية في أروقة الأمم المتحدة، لمناضلي الحركة الوطنية الجزائرية اللذين تكونوا سياسيا علميا ونضاليا من حيث الادراك والقدرة على التواصل والفعالية والنشاط مع الوفود لإقناعهم بعدالة القضية الجزائرية، وهنا يأتي أهمية الدور النضالي الذي قامت به الحركة الوطنية من 1926 الى 1954 في تكوين الشباب الجزائري نضاليا وعقائديا فالعقيدة الإسلامية كانت راسخة في الشباب رغم أن الكثير منهم لا يتقنون العربية.

فرنسا ضلت ممتنعة في قضية الاعتراف بالثورة أو فتح باب التفاوض إلى غاية 1960وهي سنة مهمة لأنه جاء الدعم الشعبي للثورة الجزائرية فما عرفته الجزائر في 11 ديسمبر   جاء لإنقاذ الثورة ولإعادة المسار الديبلوماسي لسكته الصحيحة  ضد مناورات ديغول .

فزيارة ديغول مرفوقة بترسانة إعلامية كبيرة حتى من الدول الأوروبية رافقته في زيارته للجزائر نقلت أصداء الشارع الجزائري إلى الأمم المتحدة وهنا جاء دور كريم بلقاسم وغيره  لإقناع أعضاء الأمم المتحدة بوجوب اصدار لائحة صريحة لاستفادة الجزائريين من تقرير المصير، وكانت النتيجة لائحتين الأولى لصالح الجزائر في 19 ديسمبر 1960 تدعوا فرنسا للجلوس  إلى مائدة المفاوضات مع  ممثلي التحرير الوطني، أما اللائحة الثانية تدعوا الى تعزيز مبدأ تقرير المصير.

ان الجزائر لم تحقق انتصار ديبلوماسي لها فحسب بل حققت لأسيا وأمريكا اللاتينية وافريقيا، ولكن في 1961 يفاجئ العالم بظهور المنظمة السرية الإرهابية هدفها اسقاط كل محاولة لإيجاد مخرج للقضية الجزائرية تفاوضيا، ولكن منطق التاريخ أقوى من كل مؤامرة ففي نفس السنة دخلت المفاوضات جزائرية فرنسية متعثرة ولكنها وفقّت في الأخير.

ما نأسف له أن نميز بين ما يصدر في نقد إتفاقية إفيان أو التشكيك في وجودها من جهة سياسيين في إطار صراع سياسي معقد لأن المتغير هو الثابت الوحيد في خطاب بعض  السياسيين، لكن أن يأتي مؤرخ او أستاذ في الجامعة ويقول أنه لا يوجد نص إتفاقية إفيان هذا كلام غير مسؤول، ونؤكد لشبابنا أنها موجودة في أرشيف السلطات المدنية الجزائرية وكل ما يقال ما هو إلا تشويش.

لذا يمكن أن نقول أن أصداء الثورة الجزائرية جعلتها محل اهتمام وعرفان جعلها تتلقى  مساعدات من طرف شعوب صديقة وشقيقة شاركت الجزائر لتعبر من مرحلة الى أخرى.

سمي شهر مارس بشهر الشهداء ونحن نعلم أن الشهداء  طيلة أكثر من قرن و30 سنة وهم يتساقطون في كل الأيام والاشهر، ما هي العبر التي يمكن أن نستخلصها في هذا الشهر التاريخي ؟

منذ دخول فرنسا إلى الجزائر والشهداء يتساقطون، وكما نحتفل بيوم الفلاح ويوم الطالب ويوم التاجر،حيث ارتبطت هذه  المناسبات بمساهمة هذه الفئات المهنية والاجتماعية، وبالنسبة لشهر مارس لا ننسى ،أن فيه سقطت الكثير من القيادات  مثل الحواسو عميروش ومجاهدون كبار قادة الثورة، وهو الشهر الذي يلتقي فيه الشهداء بالرفيق الأعلى كما يجب أن نميز بين المجاهدون المعلوم سقوطهم في هذا الشهر بالعشرات والمئات وبالضحايا اللذين يدخلون في تعداد الشهداء من الناحية التاريخية.

لذلك لا بد من تعليق قائمة للشهداء اللذين سقطوا لإدراك حجم الضريبة التي دفعناها لاسترجاع السيادة الوطنية، كما استشهد المئات من القيادات المتقدمة في جيش وجبهة التحرير الوطني في مارس سواء في ساحة المعركة أو عن طريق الاغتيالات التي مارستها الإدارة الاستعمارية،منهم فنانين ومثقفين ومناضلين مدنيين وحتى مجاهدين ومسؤولين في الثورة لهذا اعتبر شهر الشهداء بامتياز، والحمد لله لدينا شهداء في كل ربوع الأرض الذي تم سقيها بدماء الشهداء الزكية.

  هناك اهتمام من الدولة الجزائرية بالذاكرة الوطنية والتي نلمس من خلالها إرادة سياسية حقيقية في إعادة الاعتبار للكثير من المحطات التاريخية في الجزائر، وما ترسيم يوم للذاكرة الوطنية لخير دليل على ذلك، هل تعتقدون ان هذا قرار سيادي اتخذته الدولة الجزائرية لربط الأجيال بالأمجاد ام انها أخطاء في الماضي تم تداركها، وفي رأيكم ما هي العوامل التي ساعدت في إدراج هذا اليوم؟

الجزائر هي إبنة شهيد فلو لم يكن هناك شهداء لم تكن هناك جزائر مستقلة ورافعة للراية الوطنية، فمن 1830 الى 1962 كانت هناك تضحيات كبيرة أكدت ان الثورة الجزائرية ليست ثورة قبيلة أو ثورة طبقة سياسية أو حزب سياسي بل طبيعتها الشعبية بارزة وكل حدث تاريخي عظيم تخلق حوله الإجتهادات ،لذلك فقد انجزنا مهمة تاريخية والفضل يرجع لمحاربة ثقافة النسيان.

علينا الان الوفاء للملايين الشهداء اللذين سقطوا، والأحداث الأخيرة أكدت أن للجزائر دور مهم لذلك نلاحظ اننا  ففي فترة سابقة قصرنا في المعطى التاريخي نتيجة ظروف  عاشتها الجزائر.

فالأمر الذي يقوم به رئيس الجمهورية فيما يخص البعد التاريخي للخطاب السياسي الجزائري هذا هو المطلوب و يفتخر به لأن الرصيد الأول للجزائر في العالم هو تلك الروح التحررية التي  قدمت  أفكار جديدة للمواثيق الدولية والعلاقات بين الشرق والغرب وما قامت به الديبلوماسية الجزائرية في المحافل الإقليمية والدولية هذا هو الرصيد الحقيقي للجزائر.

فالأمير عبد القادر كان يستنجد بماضي الجزائريين والفتوحات الإسلامية، فمحاولة إحداث قطيعة مع الذاكرة  هو التعدي على  التاريخ و يؤدي للتيهان ولذلك يمكن ان يكون التقصير في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أما الإرث التاريخي التقصير فيه نتائجه وخيمة على الشعب.

كما أن السينما الثورية تراجعت نتيجة إمكانيات الإنتاج، ففي السبعينات كان لها رصيد مالي مخصص لها وأصبح لها وضع آخر ، لذا يمكننا اليوم أن نوظف  الوسائل الحديثة توظيفا إيجابيا لصالح خدمة الاستقرار الوطني والذهني و إبراز الحقيقة التاريخية والاعتزاز بالقيم الثورية، كما يمكننا محاربة القطيعة مع التاريخ ونكرانه وتكريس ثقافة تعميق قيم محددة، كل الإنجازات التي سننجزها في الجزائر في كل الميادين هي تعميق لقيم نوفمبر 1954

يعتبر بيان أول نوفمبر الأرضية الصلبة لنجاح الثورة وتأسيس الدولة الجزائرية الحديثة، هل تشاطروننا الراي لو اقترحنا تلقين الأطفال بيان أول نوفمبر منذ المرحلة الابتدائية كعامل أساسي لترسيخ  تاريخ الثورة التحريرية وربط هذا الجيل بمبادئ نوفمبر المجيدة؟

في صفحة واحدة تمكن بيان أول نوفمبر من تشخيص الحالة التي وصلت لها الحركة الوطنية وتحديد الأهداف الداخلية والخارجية مع فرنسا والعالم، فهو لا يخاطب فئة معينة ولا مجموعة في اتجاه سياسي محدد بل وضع أبناء الجزائر أمام مسؤولية تاريخية ورسم هدف معلن وهو الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.

بيان أرغم فرنسا للجلوس  إلى مائدة المفاوضات ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته طبقا لميثاق الأمم المتحدة، يأتي بيان نوفمبر ليؤكد على استقلالية جبهة التحرير الوطني عن التجاذبات الدولية الشرقية والغربية وينادي بإلتفاف الشعب حول هذا البيان وأؤكد أن بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة تاريخية تأسيسية للدولة الجزائرية بعد استرجاع سيادتها.

فليس هناك أي مانع في ادراج بعض بنود بيان اول نوفمبر في المنظومة التربوية لاسيما المرحلة الابتدائية فلا تطاول علمي ولا تاريخي ولا قانوني يمنع من تلقين الأطفال بيان اول نوفمبر بعبارات بسيطة ليتحول على مستوى الجامعة والثانوية الى دراسة وتكون بمثابة مرجع دراسي للطلبة من خلاله يمكن دراسة تاريخ الحركة الوطنية.

كما يجب أن يكون معاملها مرتفعا ليوليها الطالب البراغماتي الأهمية اللازمة، وللأسف هذا الامر عشناه ثلاث عقود من الزمن ان يكون معامله واحد وهذا لا يشجع التلميذ على اهتمام الطالب به.

 على صعيد آخر، في رأيكم هل حظيت مادة التاريخ بالعناية اللازمة في المنظومة التربوية كونها مؤشر للاهتمام بالذاكرة الوطنية والحفاظ عليها؟

الكثير من الطلبة نتيجة رفع معامل مادة التاريخ في العلوم السياسية الى 6 الى اختاروا دراسة موضوعات الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر في رسائل الماجستير والماستر وأطروحة الدكتوراه، وتم دراسة تاريخ الجزائر عن طريق العلوم السياسية وبصفة غير مباشرة من خلال ما تلقاه الطالب خلال سنوات الدراسة في الجامعة والاهتمام الذي حظيت به في برنامج العلوم السياسية، على عكس ثمانينات القرن الماضي.

ومن جهة أخرى عندما نضع مادة التاريخ للطالب ثم نعفيه من الامتحان فيها هذا غريب جدا، فالشعوب التي ليس لها تاريخ تسعى لبناء تاريخها من خلال تشجيع المنظومة التربوية في مختلف مراحلها لمادة التاريخ، فماذا نقول عن الجزائر التي تزخر برصيد تاريخي ثري.

علينا إنشاء منظومة تعليمية فيها مادة التاريخ في مختلف التخصصات بما فيها المواد العلمية والتقنية لان الجزائر هي بلد التاريخ ومنتوج للتضحيات التاريخية وكل جزائري له صلة بشكل او آخر بشهيد من الشهداء اللذين سقطوا خلال الثورة التحريرية او قبل سنوات منها.

هذا الامتداد والتواصل موجود في عروق ودماء الجزائريين فمن غير المقبول أن يحرم الجزائريون من التعرف على تاريخهم والانبهار بأحداثه، كما يجب ان نميز بين التاريخ الموجه للمتعلمين والتاريخ الذي ينبغي ان يكون للأخصائيين لتعزيز اللحمة الوطنية.

  ماذا تقترحون كوسائل او طرق لتعريف الجيل الصاعد بتضحيات ومعاناة أسلافهم اللذين تعرضوا لكافة أشكال التعنيف والتعذيب من طرف المستعمر الفرنسي، وكيف يمكننا ربط الشباب بالذاكرة الوطنية؟

لا بد أن نكون معصرنين في فكرنا فالسينما مازالت تلعب دور كبير وبذلك الصورة مازالت تلعب دور كنموذج لشخصيات تاريخية، مع تفادي ذلك التلاعب الذي يتم أحيانا في تقديم شخصيات تاريخية بصورة غير صورتهم الحقيقية فهذا يعتبر تشويه مثل استهداف شخصية عبد الحميد ابن باديس في السنوات الأخيرة فيما يخص ملامح وجهه.

علينا استغلال ما هو في متناولنا من وسائل وامكانيات ولكن ينبغي حضور مادة التاريخ ومعطياتها في الحياة اليومية سواء في الإنتاج الادبي والفني والفكري والسينمائي والقصصي والروائي وحتى الرسم ، هذه الوسائل والسبل كلها تلعب دور كبير في ترسيخ الذاكرة.

كذلك الارتباط بالأيام والمناسبات التاريخية الوطنية والدينية وتحويلها لأيام وأعياد  وطنية يساهم في بناء مختلف الأجيال فاليوم نعيش ونحن محظوظين بتواجد ثلاث أجيال.

 كلمة أخيرة توجهونها للشباب عامة ولدارسي مادة التاريخ بصفة خاصة؟ 

انا اكتفي بمقولتين الأولى لأحمد شوقي يقول فيها ” واخدع الاحياء ما شئت فلن تجد التاريخ في المنخدعين” هذه العبارات فيها إجابة على تلك الأفكار الموجودة في الجزائر والتي تدعي أن التاريخ غير صحيح وصنعوه كما أرادوا، فمهما حاول الناس أن يدخلوا على التاريخ تغييرات فهو معدن صنع بدماء الشهداء وبصدق وإرادة صادقة، فليس من السهل أن يمحى هكذا بمجرد الاعتداء عليه.

نابليون بونابرت أحد عظماء فرنسا وهو من أصول إيطالية يوصي ولده بالقول “ليكثر ولدي من قراءة التاريخ وليتأمله فانه وحده الفلسفة الصحيحة” تؤكد مقولته انه لا بد من قراءة التاريخ والتمعن فيه.

وعلى الصعيد الشخصي مكنني التاريخ من أن كل شيء ممكن ان يتحقق إذا كانت الإرادة، وكنصيحة أوجهها لأبنائي انت ثري وغني بهذا الرصيد التاريخي لأجدادك وآباؤك وبهذه الثروة لك المسؤولية كوريث بهذا الإرث النضالي والتاريخي لنقله لأجيال أخرى عن طريق جلسات ولقاءات واتصالات لنقل الرسالة ومعرفة مضمونها.

فكل دارس في أي فرع من الفروع مطلوب ان يكون له الإلمام على الأقل بتاريخ الحركة الوطنية وتاريخ أول نوفمبر لتوازن الشخصية وللاعتزاز والفخر بالامتداد لأجيال قدمت تضحيات كبيرة.

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services