223
0
أكرم كراشني: أصغر مدير دار نشر في الجزائر:" نفتح أبوابنا أمام الشباب... ونؤمن أن الكتاب هو رسالة جيل إلى جيل"

حاوره هارون الرشيد بن حليمة
في أجواء معرض الجزائر الدولي للكتاب، لفت جناح دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع أنظار الزوار بتنوع إصداراته وحيويته اللافتة، يقوده شاب لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، هو أكرم كراشني، الذي يعد من أصغر مديري دور النشر في الجزائر. ورغم صغر سنه، إلا أنه استطاع أن يواصل مسيرة والده مؤسس الدار بروح شبابية طموحة تجمع بين التجديد والمحافظة على الأصالة.
في هذا الحوار، يتحدث أكرم عن تجربته في عالم النشر، التحديات التي تواجهه، ودعمه للمواهب الشابة.
بداية، كيف تقدم لنا دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع؟
دار الماهر مؤسسة عائلية وثقافية بامتياز. تأسست على يد والدي الذي غرس فيّ حب الكتاب منذ الصغر، وكنت دائمًا قريبًا من هذا العالم. اليوم أواصل المسيرة التي بدأها، وأسعى لتطويرها بما يواكب العصر الرقمي والانفتاح الثقافي الذي يشهده المجتمع الجزائري. نحن لا نعتبر أنفسنا مجرد ناشرين، بل نحمل رسالة فكرية هدفها نشر المعرفة وترسيخ قيمة القراءة في المجتمع.
بصفتك أصغر مدير دار نشر في الجزائر، كيف تصف هذه التجربة؟
هي مسؤولية كبيرة وشرف في الوقت نفسه. إدارة دار نشر ليست بالأمر السهل، فهي تتطلب الصبر، والدقة، والقدرة على التعامل مع مختلف فئات المؤلفين والقراء. ربما أواجه أحيانًا نظرات الاستغراب بسبب سني، لكن مع الوقت أثبت أن الجدية والعمل هما المعيار الحقيقي للنجاح، وليس العمر. أؤمن أن الشباب قادرون على إحداث الفرق متى وُضعت فيهم الثقة.
كيف تواصل دار الماهر حضورها القوي في سوق الكتاب الجزائري؟
السر في الاستمرارية هو التنوع والجودة. نحرص على أن تشمل منشوراتنا مختلف المجالات: الأدب، الرواية، التاريخ، العلوم الاجتماعية، التنمية البشرية، الكتب الفكرية، والدينية، وحتى كتب الأطفال. نريد أن يجد كل قارئ ما يبحث عنه في جناحنا. نولي اهتمامًا خاصًا باختيار العناوين بعناية، ونحافظ على علاقة مميزة مع مؤلفينا.
ما أبرز ما قدمتموه في هذه الطبعة من معرض الجزائر الدولي للكتاب؟
هذه الدورة كانت ناجحة جدًا بالنسبة لنا. قدمنا مجموعة من الإصدارات الجديدة التي لاقت اهتمامًا واسعًا، كما نظمنا لقاءات مع مؤلفين شبان للتوقيع والمناقشة مع الجمهور. المعرض بالنسبة لنا ليس مجرد فضاء للبيع، بل مساحة للتفاعل المباشر مع القارئ، والاستماع لملاحظاته واقتراحاته. الجميل أن الإقبال الكبير من فئة الشباب أعطانا دفعة معنوية كبيرة.
دار الماهر معروفة بدعمها للأقلام الشابة. حدثنا أكثر عن هذا الجانب
هذا الجانب قريب من قلبي جدًا، لأنني مؤمن أن مستقبل الأدب الجزائري لا يمكن أن يزدهر إلا إذا دعمنا الجيل الجديد من المبدعين. هناك الكثير من الشباب الذين يملكون أفكارًا مبدعة لكن لا يجدون من يمنحهم الثقة أو يساعدهم في نشر أعمالهم. لذلك وضعنا في دار الماهر سياسة واضحة لتشجيع المواهب الصاعدة، حيث نستقبل المخطوطات ونراجعها مع الكاتب خطوة بخطوة حتى تصل إلى مرحلة الطباعة.
أطلقنا مؤخرًا سلسلة جديدة بعنوان "أقلام شابة"، مخصصة بالكامل للكتّاب الشباب، وقد لاقت نجاحًا كبيرًا. أسعد لحظة بالنسبة لي هي رؤية كاتب شاب يحمل كتابه الأول بين يديه في المعرض، لأنها لحظة ولادة حلم تحقّق
ما هي الصعوبات التي تواجهونها في مجال النشر بالجزائر؟
لا يمكن إنكار أن هناك تحديات عديدة، أبرزها التوزيع، فالوصول إلى القرّاء في مختلف الولايات ما زال معقدًا نسبيًا. كذلك، ارتفاع تكاليف الطباعة يشكل عبئًا على الناشرين. ومع ذلك، نحاول التكيّف مع الظروف، ونبحث دائمًا عن حلول مبتكرة مثل توسيع شبكة المكتبات الشريكة، والاعتماد أكثر على التوزيع الإلكتروني والترويج عبر المنصات الرقمية.
هل تفكرون في دخول عالم النشر الإلكتروني مستقبلاً؟
بالتأكيد، هو ضمن خططنا القادمة. نحن نعيش في عصر رقمي، ويجب أن نواكب هذا التحوّل. نعمل حاليًا على تطوير منصة إلكترونية خاصة بدار الماهر تتيح للقارئ شراء الكتب بنسخ ورقية أو رقمية، داخل الجزائر وخارجها. لا أرى أن النشر الرقمي عدو للكتاب الورقي، بل هو مكمل له ويساهم في إيصال الكتاب إلى أكبر عدد ممكن من القراء.
كيف ترى مستقبل صناعة الكتاب في الجزائر؟
أنا متفائل جدًا. رغم التحديات، هناك حراك ثقافي جميل وعودة لروح القراءة، خصوصًا بين الشباب. هناك وعي متزايد بأهمية الكتاب، وهذا ما يجعلنا نؤمن أن المستقبل سيكون أفضل. فقط نحتاج إلى مزيد من الدعم المؤسساتي والاهتمام بالبنية التحتية للتوزيع والنشر.
كلمة أخيرة توجهها للقراء ؟
أشكر كل القراء الذين يزورون جناحنا ويمنحوننا الدعم والتشجيع. دار الماهر ستبقى بيتًا مفتوحًا لكل قارئ ومبدع. رسالتنا بسيطة وواضحة: نريد أن يبقى الكتاب في متناول الجميع، وأن نمنح لكل فكرة نبيلة فرصة لتُكتب وتُقرأ. وسنواصل العمل من أجل صناعة نشر جزائرية تليق بطموحات جيلنا.

