في مشهد يعكس الوفاء المشترك بين الجزائر وفلسطين، وتحت راية الثقافة المقاومة، احتضنت السفارة الفلسطينية بالجزائر، بالتنسيق مع جمعية الإخوة الفلسطينية الجزائرية، مهرجان العودة السينمائية، الذي تحوّل من مجرد فعالية فنية إلى منصة تعبّر عن الوجدان الفلسطيني، وتُبرز دور الفن السابع كذاكرة حية تنبض بالحقيقة.
آسيا أحمد علي
المهرجان، الذي جاء في سياق إحياء ذكرى النكبة، لم يكن فقط مناسبة لعرض أفلام فلسطينية، بل كان لحظة التقاء بين الرواية والواقع، بين الوجع الجماعي والإبداع الفردي، حيث قدّم المخرجون المشاركون أعمالًا تنبض بالحياة وتصرخ في وجه النسيان، ناقلين من خلال عدساتهم قصص اللجوء، والصمود، والحنين إلى الأرض، ومشاهد الحياة اليومية في ظل الاحتلال.
العروض لم تكن صامتة، بل تحدثت بصوت عالٍ عن وجع الإنسان الفلسطيني، وعن أحلامه، ومقاومته، وهويته. وقد عبّر الحضور، من مثقفين وجمهور جزائري، عن إعجابهم العميق بجودة الأفلام وجرأتها الفنية والإنسانية، مؤكدين أن السينما المقاومة ليست مجرد وسيلة تعبير، بل سلاح حقيقي في معركة الوعي.
وقد كانت اللفتة التي قدّمها الأستاذ فتح أبو طير، رئيس جمعية الإخوة الفلسطينية الجزائرية، بتكريم المخرجين المشاركين، عربون شكر واعتراف بجميلهم، مؤكّدًا أن الفن المقاوم يشكّل جبهة متقدمة في الدفاع عن فلسطين، وأنّ المبدعين الفلسطينيين يستحقون كل تقدير لما يحملونه من أمانة في سرد الرواية الحقيقية للعالم.
المهرجان جسّد روح الأخوّة الجزائرية الفلسطينية، تلك التي لم تخفت يومًا منذ ثورة التحرير، بل تجذّرت أكثر مع كل محطة نضالية جديدة. فالجزائر، بلد المليون ونصف المليون شهيد، تعرف جيدًا معنى الكفاح، وتحمل لفلسطين في قلبها مكانة لا تُزاحم.
في النهاية، لم تكن الكاميرا في هذا المهرجان أداة تصوير فقط، بل تحوّلت إلى شاهد على الحقيقة، ووسيلة استعادة للحق، وجسر بين الحلم والعودة. إنها السينما حين تنطق باسم القضية، وتُسطّر بعيون فنانيها مشهدًا آخر من مشاهد النضال الفلسطيني المستمر.