321
0
المقاومة الثقافية عامل أساسي لمساندة قضايا التحرر في العالم العربي
بعنوان "أدب المقاومة في الجزائر... الثقافة في مواجهة الخطاب الكولونيالي"، نظم المركز الوطني للكتاب، اليوم الثلاثاء، بمقر المكتبة الوطنية الجزائرية، ملتقى وطني جمع عدد من الدكاترة والأساتذة والكتاب، لابراز دور المقاومة الثقافية في مساندة حركات التحرر.
بثينة ناصري
وفي مستهل اللقاء، أكد تيجاني تامة ممثل وزارة الثقافة، أن الخطاب الثقافي يعد من أهم روافد الثورة والتحرر كونه يتصل مباشرة بالذاكرة الوطنية التي أولاها رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون العناية من خلال ترسيم يوم وطني حفاظا على الهوية وربطا للاجيال الجديدة بمقوماتها الثقافية والحضارية.
وأشاد تيجاني لأهمية مُدارسة وبحث دور الثقافة في مواجهة وممانعة الخطاب الكولونيالي وهذا نظرا لاتخاذه اشكالا جديدة في الطرح، مبرزا وضوح معالمه فيما يسمى بأمراض الحرب الجديدة على الشعوب، ولاسيما المستعمرات القديمة منها وذلك لقراءة الواقع وبحث الآليات المعرفية لتعزيز فكرة الممانعة والمقاومة وصون الذاكرة.
وتطرق ذات المتحدث إلى محاولة الاستعمار في غرس أفكار كولونيالية تحت مسميات ثقافية اذ لم يكن جنوده العسكريين فقط بل رافقه جيش من العلماء من مختلف التخصصات وفي مقدمتهم علماء الاجتماع والجغرافيا والتاريخ والآثار تحت غطاء الحملات الاستكشافية والعلمية، مضيفا أن هذا كان لدراسة طبيبعة المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال.
وحسب تيجاني فإن هذا التجنيد يهدف إلى السيطرة والتحكم في هذه الشعوب وقمع كل أشكال المقاومة الوطنية، ولذلك جعلت الثقافة الجسر الأكبر نحو ترسيخ التفوق الحضاري للغرب ليروج بأن الشعوب المستعمرة نموذج للبدائية والتخلف، موضحا أنه حسب تصنيفات الخطاب الكولونيالي تأتي في مراتب دنيا مقارنة بالجنس الأبيض من خلال التركيز على الخلاف بين الأعراف والاجناس مما كان سببا في توسع الفتن وموجة التوسع الاستعماري على حساب الشعوب.
وفي ذات السياق، أوضح جمال يحياوي مدير المركز الوطني للكتاب أن تركيز قطاع الثقافة في السنوات السابقة كان دائما على المقاومة العسكرية وعلى ما يتعلق بالمواجهات العسكرية، وهذا بالرغم من أهمية البعد الآخر المتمثل في المقاومة الثقافية.
وأكد أن اليوم البلاد في حاجة إلى أمن ثقافي مثلما هي بحاجة إلى أمن اقتصادي وأمن غذائي، مشيرا إلى دور الثقافة في مواجهة الخطاب الجديد خاصة باعتبار لغة القلم لا زالت قائمة من خلال ما نعيشه اليوم في ثورة الفضاء المفتوح على الصراع حول هذه الهوية الثقافية.
ولفت يحياوي إلى أن هذا الملتقى جاء للعودة إلى المرحلة التاريخية للتركيز على ما بعد الاستقلال من خلال الترويج للأفكار في مختلف المجالات، مؤكدا أن هذا الموضوع سيكون بداية لملتقيات وندوات مستقبلية يشارك فيها جميع الدكاترة والأساتذة.
وأشار إلى أن القرن التاسع عشر يحتاج إلى قراءة جديدة لأن المواجهة الثقافية لا تختلف عن الذين حملوا السلاح من قادة المقاومات، مشيدا بالدور المهم الذي يلعبه الأساتذة والفلسفة في التصدي إلى ما يسموه بالأدب ومحاولة الترويج لثقافة العولمة والتي تعد تمهيد لنسيان الماضي والاعداد لمرحلة المستقبل وتقبل الأفكار التي تطرح اليوم سياسيا عن طريق التطبيع الثقافي.
وشدد في حديثه على أن الجزائر هي الدولة التي واجهة أكبر استعمار وعاشت أصعب المراحل سواء بالنسبة لدول افريقيا أو دول آسيا، داعيا بذلك إلى التكاتف للتحضير لهذا الملتقى سواء من طرف اطارات الوزارة أو مدير المكتبة الوطنية والاساتذة لإثراء هذا الموضوع المهم بأبعاده الواسعة.
أساليب الاستعمار العسكرية والفكرية
وفي تصريح خص به "بركة نيوز" قال الدكتور وحيد بن بوعزيز أستاذ في الأدب المقارن والدراسات الثقافية بجامعة الجزائر 2 "المقاومة الثقافية في بلدان العالم الثالث أو بلدان الجنوب فعلا كانت مقاومة عظيمة جدا، لأنها تصدت للاستعمار القديم، أي ليس هدفه أن يهجم شعب على شعب آخر لأخذ فقط خيراته ولكن استعمار امبريالي رأس مالي، فإذا دخل إلى بلدك لا يخرج ولا ينوي أن يخرج مجددا".
ونوه إلى أن الكثير من الأدباء والمثقفون والكتاب تصدوا لما يسمى بالسرديات الاستعمارية، فالاستعمار لما يدخل إلى بلد خاصة الاستعمار الجديد في القرن التاسع عشر القرن العشرين لم يدخل فقط كإستعمار عسكري فقط بل حاول كذلك أن يملأ ما يسمى بالجوانب العقلية والثقافية بمعنى يستعمر العقود، مبرزا إلى أن التصدي كان تحديا كبيرا بالنسبة للمستعمرين بحيث لابد أن يحاربوا هذا الاستعمار في مجال العقل.
ويرى الدكتور بن بوعزيز أن المقاومة الثقافية اتخذت عدة أشكال صبت في الكتابات المختصة في الأدب الراقي والأدب الشعبي والأغاني بما يسمى بالثقافة الشعبية، حيث لا يمكن القول أن الاستعمار جوبه من طرف سلاح فقط لكن تصدت له العقول من المستعمرات.