590
0
عصر ظهور القراءة الالكترونية ... هل سيصبح الكتاب الورقي حبيس المدرجات ؟
تميز الكتاب الالكتروني بالسرعة والنوعية على حساب الكتاب الورقي، فبعد أن تربع الكتاب المطبوع في وقت سابق المراتب الأولى في تشكيل الوعي والفكر، بدأ الكتاب الإلكتروني بالتموقع تدريجيا ليحل مكان الكتاب الورقي، مستعينا بالتكنولوجيا.
بثينة ناصري
ومع التطور التكنولوجي أصبح الكتاب الالكتروني يقدم العديد من التسهيلات كالاختصار في الوقت والمال والمساحة، كما يجعل القراءة تجمع بين الفائدة والمتعة والتفاعل، مما أدى إلى ظهور أجهزة القراءة الإلكترونية من خلال الانتقال بين قراءة الكتب، والاستماع إلى نسخها الصوتية عبر خدمات تقدمها شركات مختلفة.
وبالرغم من هذه الخدمات المغرية ما زال هناك من يفضل الكتاب الورقي لأن القراءة ليست تخزينا للمعلومات فحسب، بل تتداخل فيها المعرفة باللمس وشم رائحة الورق وسماع صوت تقليبه، وهنا تصبح القراءة فعلا عاطفيا لا معرفيا فقط.
القراءة الإلكترونية حافزا للابتعاد عن التفاهة في الأوساط العنكبوتية
وبهذا الخصوص أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد، أن لكل واحد منهما مقامه، ولكن حسب الآداء لا يمكن القول بأن المقرأة الالكترونية يمكن أن تحل محل الكتاب الورقي، ولكن تعوضه نوعا ما على حسب الموقع وكذا توفر الكتاب الذي يريد الاطلاع عليه.
وأوضح في ذات الصدد أن في حالة ادراج الذكاء الاصطناعي ضمن المقرأة الالكترونية يجب توفر العديد من العوامل التي تساهم في تنظيم هذه المقرأة، مضيفا أنه يجب توفر عنصر الشحن الالكتروني، ومن جهه أخرى هناك عنصر يجعل الاشكالية تتوجه حول "كيف نستفيد منها؟ ربما في نوع القراءة أو نوعية الكتب المدرجة في هذه المقرأة.
ونوه بلعيد إلى الجهد الذي قام به العلماء والباحثين في السير على خطى التكنولوجيا المعاصرة، وتقديم ما يمكن أن يستفيد منه المجتمع، من خلال ادراج المقرأة الالكترونية الحديثة، التي تعد تطور نوعي قائما بذاته.
وكشف ذات المتحدث أن هذه المقرأة الالكترونية ترسخ في بعض الأحيان البلادة حيث أنها لا تترك الفرد يفكر ويحفظ لتكوين مخزون فكري، لأنها تسهل توفير جميع المعلومات عبر المنصة الإلكترونية، وبالمقابل لا يمكن استغلال هذه التكنولوجيا في العديد من الحالات، مثلا استخدامها في إقامة الصلوات داخل المساجد فهذا يؤثر على انطباع الشباب وسيرهم المجتمعي.
وتابع بلعيد حديثه عن القرآن الكريم أن التكنولوجيا مكنت من التحول في استخدام الأدوات التقليدية إلى استغلال الأدوات الحديثة، مشيرا إلى استبدال اللوحة التي تستخدم لحفظ القرآن الكريم، باللويحة الإلكترونية، مشددا على عامل الرقابة من طرف الأولياء والذي يعد عاملا اساسيا في تغذية الطفل بالافكار السليمة.
انخفاظ نسبة المقروئية في العالم ... أسباب آليات وجب اتباعها
ومع التطور التكنولوجي أصبح لزاما على القراءة الإلكترونية تشكيل علاقة القارئ بالكتاب، حيث يستطيع اختيار الخط المناسب للقراءة وحجمه، ومتابعة نسبة ما قرأه، ومعرفة كم تستغرق قراءة الفصل الذي بين يديه، وكم بقي له من الوقت ليكمل الكتاب كله.
وفي ذات الصدد لفت مصطفى خياطي أستاذ باحث ورئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، إلى نقص نسبة المقروئية خاصة في البلدان التي تسير في طريق النمو، وهذا عند ظهور الألواح الذكية والهواتف، قائلا "عند ملاحظة البلدان التي تم إنشاء فيها هذه التكنولوجيا، تراها لا تزال محتفظة بالقراءة المعتادة الورقية".
وتابع خياطي "وبالمقابل نرى أن مجتمعاتنا تعرف نقصا شديدا في نسبة المقروئية الورقية، وهذا راجع لتنشئته وعدم دفعه إلى قراءة الكتب، ومن المفروض القيام بعكس ذلك، والزام التلميذ والطالب على قراءة الكتب وتلخيصها".
وأكد ذات المتحدث أنه ما زاد الطين بلة هو تزويد تلاميذ السنوات الإبتدائية بالألواح الإلكترونية بدل الكتاب الورقي، مبرزا أن مثل هذه الألواح يمكن أن تتوفر عند التلميذ الذي يتمكن من التحكم في الكتابة وليس للاطفال المسجلين الجدد في مقاعد الدراسة.
وشدد على أن الكتاب الورقي مهما مر الوقت وتطورت التكنولوجيا لا يزال محافظا على مكانته، وهذا ما نلاحظه من خلال معرض الكتاب عبر مختلف أنحاء العالم، مشيدا إلى دور الأولياء في تربية الأبناء على حب الكتب والمطالعة، وهذا لتكوين شباب واعي ومفكر يمكن أن تؤسس به قاعدة من الانجازات والمشاريع المستقبلية التي تعود بالنفع على البلاد.
خدمات سريعة ودقيقة توفرها المكتبات الالكترونية لتخفيف عناء الشقاء على الطالب
ومن جهة أخرى لا يمكن الحديث على القراءة والمطالعة دون المرور بالجامعات، التي تعد بوابة النهوض بالبلاد وخاصة الاقتصاد الوطني الذي تعول عليه الجزائر في آفاقها المستقبلية، وبهذا الخصوص كشفت حجالي مروة رئيسة مصلحة الإشهار بمديرية الخدمات الجامعية أن ذات المصالح قامت بتوفير مكتبة الكترونية، والتي تحتوي على 3855 عنوان في مختلف المجالات والتخصصات، والموجهة للطالب الجامعي وكذا الأساتذة والباحثين.
وأشارت في تصريحها إلى أن القراءة الإلكترونية لا تقل أهمية عن القراءة المتعود عليها، لكن مع توفر هذه التكنولوجيا الحديثة أصبح من اللازم تخفيف عناء الشقاء على الطلبة وخاصة المقبلين على إنجاز مذكراتهم الجامعية، فبهذه التكنولوجيا الحديثة تقصر المسافة ويتوفر الكتاب وتسهل عملية البحث لدى الطالب.
وشددت حجالي على أهمية التعليم الرقمي في مجال البحث والتكوين العلمي للدارسين والباحثين للحصول على مصدر المعلومة خاصة مع الانتشار الواسع لمشاريع المكتبات الرقمية في مختلف الجامعات العالمية، مبرزة إلى نجاح التجارب التي قدمتها مختلف الجامعات الرائدة عالميا في رقمنة نظام مكتباتها الجامعية.
أهمية القراءة الإلكترونية والورقية في تكوين مردود فكري ولغوي
وفي سياق متصل أوضح عزوز عقيل المنسق العام لإتحاد الكتاب الجزائريين، أنه يمكن الفصل بين الكتاب الالكتروني والكتاب الورقي، لأن لكل واحد منهما ميزات وصفات تختلف عن الأخر، ولكنهما يكملان بعضهما.
وقال عزوز " لا يخفى على الجميع أن قراءة الكتاب الورقي تراجعت بنسبة كبيرة، وهذا ربما راجع إلى تكلفة الكتاب الورقي التي شهدت ارتفاعا في السوق، على غرار الكتاب الالكتروني الذي يتميز بسهولة الوصول إليه، وهذا يبر أهميته ودوره الفعال في تكوين مردود فكري ولغوي.
الكتاب الورقي لم ولن يتخلى عن خصوصيته
وبالحديث عن الشريحة التقليدية التي تلازم الكتاب الورقي، قال الكاتب الخزري مسعود بورصاص، "شخصيا أنا أعتبر أن الكتاب الورقي لا يزال يحتفظ بخصوصيته لدى عشاق القراءة، فهو مرتبط بطقوس تختلف من إنسان لآخر، والطقوس غالبا ما تحكم عاداتنا ومن بينها القراءة، ربما يكون الكتاب الإلكتروني قد اجتذب شريحة أخرى من القراء غير التقليديين ممن ينتمون لأجيال جديدة، وفي ظني أنهم ليسوا محسوبين على شريحة القراء العاديين، بل اجتذبتهم موضوعات بعينها وجعلتهم يقبلون على قراءتها رغم انهم ليسوا من هواة القراءة".
وفي الأخير ما يمكننا استخلاصة من خلال التصريحات السابقة ، أن الكتاب الورقي سيظل قائما بذاته، ليس لأهميته فحسب، بل لأنه جزء لا يتجزأ من ديمومة القراءة نفسها، فطالما هنالك من يقرأ، فستظل دور النشر تطبع وتوفر الكتب الورقية للمكتبات.