في مشهد يجمع بين رحمة الغيث وغضب الطبيعة، شهدت ولايات شرق الجزائر خاصة خنشلة، باتنة و تبسة تقلبات جوية حادة أمس الخميس ، تمثّلت في عواصف رعدية مفاجئة، أمطار طوفانية وتساقط كثيف لحبّات البَرد ما خلف سلسلة من الأضرار في الممتلكات العامة والخاصة وأثار قلق الفلاحين والسكان المحليين.

إعداد:ضياء الدين سعداوي

خنشلة: البرد يعصف بأشجار التفاح والوديان تفيض

ولاية خنشلة كانت في قلب العاصفة حيث تسبب تساقط البرد "الحجري" بأحجام كبيرة في إتلاف جزء معتبر من منتوج التفاح المحلي خاصة في المناطق الجبلية التي تعتمد على هذا المحصول كأحد أعمدة النشاط الفلاحي ، وقد طالب المنتجون المحليون السلطات المعنية بإدماج "شبكات حماية الأشجار المثمرة من البرد" ضمن برامج الدعم الفلاحي لما لها من دور وقائي مهم في حماية هذه الثروة.

 

 

 

وفي مساء اليوم نفسه، اجتاحت فيضانات مفاجئة عدة بلديات و قرى جنوب الولاية على غرار العامرة و جلال، بعد فيضان وادي العرب في قرية "شُبْلة" ووادي "مزين" ببلدية ششار. الأودية التي تحوّلت إلى سيول جارفة غمرت الطرقات وقطعتها، مما عزل بعض القرى مؤقتًا وأثار مخاوف السكان.

عواصف رعدية وبرد كثيف يمتدان إلى باتنة

بالتزامن مع تقلبات خنشلة، شهدت ولاية باتنة بدورها اضطرابات جوية مماثلة شملت مناطق مثل تيمقاد، المعذر، فسديس و مروانة ، حيث تساقطت كميات كبيرة من الأمطار المصحوبة بحبّات برد كثيفة، تسببت في أضرار طفيفة بالبنى التحتية وتسجيل انقطاعات محدودة للكهرباء خاصة في المناطق الريفية المحاذية لمرتفعات الأوراس.

ششار: تدخلات استعجالية لإعادة التيار الكهربائي

في بلدية ششار بولاية خنشلة والمناطق المجاورة لها، باشرت فرق الصيانة التابعة لسونلغاز عمليات ميدانية مستعجلة منذ الساعات الأولى، لإصلاح أعطاب واسعة طالت شبكة الكهرباء  التي تغذّي بلديات وقرى جلال، هنشير العربي، مزين، تاغيت، الزاوية، العامرة، الوندورة، وسيار.

العاصفة القوية التي ضربت مناطق بوصلاح، الغوار، حليفاية، تقرارت، والميتة، أدت إلى سقوط أعمدة كهربائية ذات توتر عالٍ، وتلف خطوط متوسطة التوتر، مما استدعى تدخلًا عاجلًا لضمان استمرارية الخدمة ، وأكدت مؤسسة سونلغاز أن الأشغال ما تزال متواصلة على مدار الساعة لإعادة التيار بشكل كامل في أقرب الآجال.

تبسة: الرياح تطيح بالأبراج الكهربائية وتذبذب في التموين

ولاية تبسة أيضا لم تكن بمنأى عن الاضطرابات، حيث أعلنت شركة سونلغاز توزيع تبسة عن تسجيل سقوط أبراج كهربائية ذات توتر عالٍ على مستوى بلديتي نقرين وفركان، بسبب رياح قوية ضربت الجنوب التبسي.

الإنقطاع الجزئي في التموين بالكهرباء استدعى تفعيل مخطط التدخلات الطارئة، حيث تم تجنيد الموارد البشرية والمادية من طرف الفرق التقنية، ما مكّن من استرجاع التيار تدريجياً مع استمرار الأشغال لإصلاح الأعطاب بشكل كامل ، وذكّرت المؤسسة المواطنين للإتصال بالرقم الأخضر 3303 للإبلاغ عن أي تذبذب في التموين.

وادي سوف وتواصل الجبهة الجوية شرقًا

وفي تطوّر لافت، وصلت تأثيرات المنخفض الجوي إلى ولاية وادي سوف، التي شهدت مساء اليوم نفسه عاصفة رملية أعقبها تساقط للأمطار الغزيرة والبرد في منطقة "الزريبة" بولاية بسكرة، حيث فاض ما يُعرف بـ "وادي العرب" وسط تحذيرات الأرصاد الجوية من استمرار تحرّك السحب الرعدية بإتجاه ولايتي تقرت والجلفة، وتحديدًا منطقتي الحجيرة ومسعد.

الأرصاد الجوية كانت في الموعد

وكانت مصالح الأرصاد الجوية قد توقعت منذ صباح الخميس نشاطًا رعديًا وتساقط أمطار رعدية بعدة ولايات شرق البلاد، منها خنشلة، باتنة، وتبسة، وقد تم تعميم تنبيهات من المستوى الأول والثاني، تضمنت تحذيرات من فيضانات محلية وتساقط البرد.

 

 

خسائر زراعية وبُنى تحتية تحت الضغط

التقلبات الجوية الأخيرة تعيد إلى الواجهة هشاشة البنى التحتية الريفية، وخاصة شبكات الكهرباء والطرقات، أمام الأحوال الجوية المتطرفة، كما تبرز معاناة الفلاحين الذين يتكبدون خسائر سنوية دون آليات دعم وقائية فعّالة.

وفي الوقت الذي أبانت فيه مصالح الحماية المدنية ومؤسسات الكهرباء عن جاهزية ميدانية للتدخل، يبقى التنسيق المُسبق والتخطيط الإستباقي للأزمات المناخية عنصرًا ضروريًا لتفادي الخسائر البشرية والمادية.

بين الغيث والخطر... يقظة مطلوبة

بين أمطار الرحمة التي تنعش الأرض، والبرد العنيف الذي يهدد محاصيل الفلاحين، تقف الولايات الشرقية أمام تحدٍّ مناخي يتكرر سنويًا، ومع توقعات بإستمرار هذه الظواهر خلال فصل الصيف، تبقى يقظة المواطنين، وديناميكية المصالح التقنية، وعقلنة الدعم الفلاحي أدوات لا غنى عنها لتقليل الأضرار ومجابهة قسوة الطبيعة.