أسطول الصمود": بين كسر الحصار و استفزاز الإحتلال… أي سيناريو ينتظر غزة والعالم؟

 

 

بقلم :ضياء الدين سعداوي

منذ أن أعلنت "اللجنة الدولية لكسر الحصار" عن إنطلاق "أسطول الصمود العالمي" من السواحل الإيطالية اليوم السبت متجهاً نحو غزة، والأنظار تتجه إلى البحر المتوسط بترقب مشوب بالقلق والأمل ، فهذا التحرك الذي يضم نحو خمسين سفينة ومئات النشطاء من مختلف الجنسيات، ليس مجرد مبادرة إنسانية محضة، بل حدث سياسي وإعلامي عالمي بإمتياز، يختبر مجدداً قدرة الإحتلال على فرض إرادته في مواجهة حراك مدني متضامن مع شعب محاصر منذ ما يقارب عقدين.

أولاً: السيناريو العسكري ـ الأمني

الإحتمال الأكثر ترجيحاً أن يحاول الإحتلال اعتراض الأسطول في عرض البحر، كما فعل في تجارب سابقة أشهرها مجزرة "مرمرة" عام 2010، لكن السياق اليوم مختلف جذرياً: فعدد السفن أكبر وحجم التضامن الدولي أوسع، ما يجعل أي إعتداء مباشر محفوفاً بتداعيات سياسية وإعلامية قد تخرج عن السيطرة.
ومع ذلك تبقى تل أبيب مستعدة للمجازفة مدفوعة بهاجس "عدم السماح بتغيير قواعد الحصار"، حتى لو كلفها ذلك مواجهة إنتقادات دولية أو توتراً مع حلفائها.

ثانياً: السيناريو التفاوضي ـ الدبلوماسي

هناك من يرجح أن تحاول بعض القوى الغربية خصوصاً الأوروبية، التوسط لمنع مواجهة بحرية دامية، فوجود نشطاء من الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وآسيا يضع حكوماتهم أمام ضغط أخلاقي وشعبي، وقد يدفعها للتحرك لتأمين "تسوية وسطية" متمثلة قدفي السماح بدخول مساعدات رمزية عبر وسيط دولي مقابل عودة السفن.
لكن مثل هذا السيناريو يحمل مخاطرة، إذ قد ينظر إليه كإلتفاف على الهدف الأصلي للأسطول، أي كسر الحصار عملياً لا مجرد التخفيف منه.

ثالثاً: السيناريو الرمزي ـ الإعلامي

حتى لو لم يصل الأسطول إلى غزة فإن مجرد قدرته على تحريك الرأي العام العالمي ووضع الحصار في صدارة النقاش الدولي يمثل نصراً معنوياً للفلسطينيين، فالمعركة كما يصفها النشطاء لم تعد "قضية فلسطينية فحسب"، بل تحولت إلى إختبار لضمير العالم أمام مجاعة خانقة وحصار خانق خلف أكثر من 231 ألف شهيد في عامين فقط.
إن فشل الإحتلال في إسكات هذه الأصوات حتى لو منع وصول السفن، يعني أن جدار الحصار الإعلامي قد تصدع وهو ما قد يفتح الباب أمام مبادرات لاحقة أشد تأثيراً.

بين الكلفة والرمزية

لا يمكن إنكار أن الأسطول مهما بلغ حجمه لن يغير جذرياً المعادلة الميدانية في غزة، لكنه يعيد تذكير العالم بحقيقة مأساة يعيشها أكثر من 2.4 مليون إنسان حُرموا من الغذاء والدواء والحرية ، في المقابل أي إستخدام مفرط للقوة من جانب الإحتلال قد يتحول إلى "مكسب مجاني" للفلسطينيين في معركة الرأي العام، ويزيد عزلة تل أبيب الأخلاقية.

السيناريوهات مفتوحة بين مواجهة عسكرية محتملة أو تسوية دبلوماسية ضيقة أو نصر رمزي واسع التأثير ، لكن المؤكد أن "أسطول الصمود" أطلق دينامية جديدة في معركة كسر الحصار، عنوانها أن غزة لم تعد وحدها وأن البحر المتوسط هذه المرة ليس مجرد جغرافيا بل ساحة صراع على الضمير الإنساني العالمي.