مفاتيح المستقبل بيد القارة السمراء

مفاتيح المستقبل بيد القارة السمراء
فضيلة بودريش
لم تعد منطقة الساحل كما كانت في السابق، بفضل تغير عديد المعطيات، وكذا الظرف الدولي والجيواستراتيجي العالمي المختلف تماما خاصة عقب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، ناهيك عن موجة وعي واسعة برزت بقوة وسط شعوب بلدان المنطقة الذين صاروا يطمحون إلى بناء أوطانهم ومواجهة التهديدات الجاثمة على قلوب الجميع من هجومات إرهابية دموية، وكذا الجريمة المنظمة العابرة للحدود والمتاجرة بالمخدرات والاتجار بالبشر، وما إلى غير ذلك من تحديات أمنية حقيقية لن تكون حلولها خارجية بحتة.
لا يخفى أن السياق الأمني بمنطقة الساحل دقيق وحساس حيث يتطلب التعجيل بإرساء السلم والاستقرار، ومن ثم التوجه نحو استحداث التنمية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية مع ضرورة القيام بإصلاحات سياسية يختفي معها الفساد والبيروقراطية والإقصاء، ويحل معها الحكم الراشد، لأن غض الطرف أو التأخر في مواجهة تعقيدات توسع انتشار الجماعات الإرهابية الفارة من سوريا والعراق بعد انحسار نشاطها الدموي بتلك المنطقة، مرشح أن يحول منطقة الساحل إلى بؤرة موبوءة قد تحتاج إلى وقت أطول وتكلفة أثقل للقضاء عليها.
لم يعد التكالب على القارة السمراء وبالتحديد منطقة الساحل خفيا، بل صارت أوراقه مكشوفة بين قوى عالمية وإقليمة تتسابق بكل ما أوتيت من خطط واستراتجيات من أجل الظفر بالمزايا الاقتصادية من ثروات خام، أسعارها مكلفة بالسوق العالمية، وكذا الاستحواذ على أسواق مغرية، وبالتالي ضمان مزايا وامتيازات طويلة الأمد أمام معاناة الشعوب في الفقر الشديد، لذا باتت الشعوب الإفريقية تتفطن شيئا فشيئا لبعض ما يحاك ضدها من مؤامرات، تتخذ عدة أشكال لاستنزاف هذه الدول تحت طائلة الديون أو التهديدات الأمنية والمجاعة والفقر والأمية والتي دفعت بفرار الملايين من منازلهم
الهجرة غير الشرعية تعد ملاذا للكثيرين بحثا عن حياة أفضل وأفق أرحب، لكنها بالمقابل تحدث حالة من القلق والطوارئ لدى بلدان الشمال المتوجسة والرافضة لأولئك غير مرغوب فيهم الذين ركبوا البحر هربا من الجحيم وبحثا عن جنة فوق الأرض، وتسارع بعض هذه الدول إلى إبرام الاتفاقيات وسن القوانين لمواجهة من سرقت ثرواتهم ولا تتوانى في إعادة الإلقاء بهم في البحر وإعادتهم لأوطانهم، فمتى يدرك الأفارقة أن مفاتيح المستقبل بين أيديهم؟ ومتى يتحركون نحو بناء بلدانهم ووضع حد لكل ما ينهب منهم؟