جمعية “وفاء” أول جمعية بعد الإستقلال… جمعت شمل الجزائريين في تليطون ديار الرحمة

أول جمعية تأسست في الجزائر بعد الإستقلال،جمعية وفاء لمساعدة الاشخاص المسنين،تتفرد في اختصاصها، بدأت بوصية ثم رؤيا لتتجسد في أول دار للرحمة في الجزائر، فكانت بادرة فريدة من نوعها، تحققت لترافق فئة محرومة وجدت نفسها على قارعة الطريق في مرحلة ضعف واحتياج، فكانت مأوى للمسنين ممن وجدو أنفسهم بدون مأوى ولكل له حكاية وقصة.
إرهاصات البداية وقصة الوفاء
البداية يرويها لنا رئيس الجمعية السعيد الحواس قائلا في البداية كانت رغبة الوالدة في التبرع بعمارة كانت تملكها متكونة من 18 شقة، بدى لي طلبها غير منطقى كيف لي أن أتصدق بعمارة ولكن قبل موتها ب5 أيام تركت لي نفس الوصية، بقيت حائر في أمري كيف أحقق وصية الوالدة”.
توفيت السيدة سلمان ذهبية وتركت لإبنها الوحيد آمانة ثقيلة، ولكن الأمر لم ينتهي يقول الحواس” بعد موت الوالدة رأيتها في المنام تأمرني بتنفيذ الوصية، وحين تكررت نفس الرؤيا قصدت إمام المسجد لأستشيره في الأمر، وقال علي تنفيذ الوصية لأن الأمر واضح وسيهديني الله للطريق إلى ذلك”.
كانت البداية يضيف الحواس إلتقائي صدفة بأحد المتشردين، وبعد أن تفرست في وجهه بدى لي أن الظروف من دفعته لسؤال الناس،عرضت عليه عمل كقائم على العمارة،وسرعان ما اكتشفت رجاحة عقله وطلبت منه أن يسكن إحدى الشقق ليتخذها مسكن، وعرضت عليه أن يتزوج ويشكل أسرة وفعل ذلك، وهنا شعرت أن الله هداني لتنفيذ وصية الوالدة”.
أول دار للرحمة في الجزائر
إستكمالا لتنفيذ وصية الأم عكف السيد الحواس على البحث عن المتشردين الذين أجبرتهم الظروف ووجدو أنفسهم في الشارع فعمل على إيوائهم بعد علاجهم الجسدي والنفسي،حتى تم تعمير العمارة وصارت تأوي 18 عائلة،وبهذا تم تنفيذ وصية الأم لتكون وقفا للمساكين والمتشردين خاصة منهم كبار السن، وبذلك أنشئت أول دار للرحمة في الجزائرلرعاية المسنيين.
تبلور حب العمل الخيري في نفس السيد الحواس وتأصل ذلك في شخصيته مما جعله يصر على مواصلة الدرب وبناء ديار الرحمة لرعاية المسنيين ممن تخلت عنهم عائلاتهم، أوممن لا يملكون عائلة في مختلف جهات الوطن.
أول تليطون يجمع الجزائريين
تأسست أول جمعية في الجزائر بعد الإستقلال بعد سنين خاضها السعيد الحواس في العمل الخيري،وحصلت على الإعتماد في ديسمبر 1988،بإسم “جمعية وفاء لمساعدة الأشخاص المسنين” برئاسة السيد حواس السعيد وكان الوزير الراحل الأسبق محمد صالح منتوري رئيس شرفي لها،وكانت في البداية جمعية تخص ولاية الجزائر فقط لكن مع مطلع 1990 أصبحت الجمعية وطنية لها 17 مكتب ولائي.
كانت عملية التمويل الذاتي من طرف أعضاء الجمعية أحد أهم دعائم عملها، ولكن حين تبلور مشروع ديار الرحمة لرعاية المسنين تطلب الامر توفرإمكانيات كبيرة، ففكر القائمين على الجمعية بتنظيم تليطون يشارك فيه كل الجزائريين ليكون سابقة في التاريخ، وفي هذا الصدد يقول رئيس الجمعية”لم يكن عملا عفويا بل طيلة ثلاث سنوات حاولنا عاكفين إقناع الناس بضرورة مرافقة فئة المسنين، لذا فالتجاوب الكبيرالذي عرفه التليطون كان ثمرة لعمل جبار قمنابه”.
تجاوبت السلطة السياسية مع المبادرة آنذاك وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد بوضياف،كما ساهم التلفزيون الجزائري من خلال البث المباشر في الثامن والتاسع من أفريل 1992،ليتتم العملية بنجاح كبير وتم جمع أكثر من 26 مليار سنتيم.
بناء ديار الرحمة كان سبب في خلق وزارة للتضامن
تم استكمال بناء ديار الرحمة في الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة،وساهمت المؤسسة العسكرية في استكمال المال المخصص لها بتبرع عمالها ليوم من راتبهم الشهري، واصبحت جاهزة لتأوي المسنين، ولكن مشكل تسييرها وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية كان أكبر ما يواجه إطارات جمعية وفاء.
وفي ذات السياق يقول الحواس”أصبحنا أمام مشكل توفير الكوادر اللازمة لتسيير ديار الرحمة وأمام نقص الإمكانيات،أصبحت هذه الهياكل تحت وصاية وزارة التضامن التي خلقت في هذه الفترةبعد أن كانت كتابة الدولة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالتضامن الوطني”.
وأصبحت دور الرحمة التي تم تأسيسها تحت وصاية وزارة التضامن،ولكن يقول محدثنا فقد انحرفت عن أهدافها التي سطرناها ، وأصبحت لا تخص المسنيين فحسب بل تم إدماج فئات أخرى معهم وهذا ما يض بهم ولا ينفعهم.
نادي المسنيين ..نفس آخر لتجديد النشاط وبعث الحياة
من خلال التجول في بعض بلدان العالم جاءت فكرة خلق نادي للمسنين، بهذا بدأ السيد الحواس كلامه عن المبادرة وأضاف “شكلنا لجنة متكونة من مختصيين نفسانيين وإجتماعيين وأطباء ممن توصلوا إلى أن الشخص بمجرد أن يحول إلى التقاعد يصبح شخص معزول عن المجتمع،يعاني نفسيا وجسديا”.
وتم في عام 2005 إعطاء الموافقة المبدئية على المشروع من طرف السلطات المحلية لولاية المسيلة، ليكون بتحقيقه ليكون أول نادي في إفريقيا والوطن والعربي،وستنطلق الأشغال به يوم 27 أفريل 2023 موافقة لليوم الوطني للمسنين.
سيكون نادي المسنين فرصة لإعادة إحياء الأمل في نفوس هذه الفئة وإعطائهم فرصة لخدمة المجتمع والشباب من خلال ورشات حية يديرها الحرفيين منهم، وستكون مكانا للترفيه وتجديد الطاقات والترويح عن النفس من خلال مختلف النشاطات الترفيهية الهادفة.
كما سيتم بناء مركز صحي للمسنين مرافق للنادي، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة لدعمه بأطباء ومختصين لتوفيرعلاج مجاني ورعاية شاملة لهذه الفئة.
مشاريع واعدة لمرافقة المسن
أطلقت جمعية وفاء لمساعدة الأشخاص المسنين، عدة مشاريع لمرافقة هذه الفئة منها مسابقة خاصة تتعلق بسرد المسنين لذكريات الطفولة لتتولى لجنة مختصة بتحويل أحسن قصة لفيلم قصير.
“حكايات وكتاب”، مشروع آخر تم إطلاقه للمحافظة على الموروث الثقافي ويهتم بجمع مختلف القصص الشعبية المنتشرة عبر التراب الوطني من افواه المسنين،وطبعها في كتيبات صغيره حفظا من الضياع لتستفيد منها الأجيال القادمة.
كما تعتزم الجمعية إنشاء مجلة تعني بمختلف نشاطات هذه الفئة، ومن الجانب الترفيهي وبالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة، فقد عمدت الجمعية إلى تنظيم رحلات سياحية لفائدة المسنين لمختلف ولايات الوطن بهدف الترفيه وخلق جوعائلي خاصة لمن يفتقدونه.
دعوة الفنانين للمشاركة في الإحتفال باليوم العالمي للمسنين
الفاتح أكتوبر من كل عام يصادف اليوم العالمي للمسنين،وفي ذات السياق دعا رئيس جمعية وفاء لمساعدة الأشخاص المسنين مجمل الفنانين مشاركة هذه الفئة إحتفالاتهم التي سيتم الإعلان عنها مستقبلا.
وعن مجمل الإنشغالات تحدث سعيد الحواس عن تشويه صورة العمل الجمعوي من طرف بعض الإنتهازيين ممن يستعملون الجمعيات كمطية للوصول إلى مصالحهم والتقرب إلى المسؤولين.
وهناك إشكال آخر طرحه رئيس الجمعية يتعلق بنقص ثقافة التطوع في المجتمع الجزائرين، ودعا في نهاية حديثه المسؤولين بتصفية المجتمع المدني ووضع قوانين صارمة لضبط عملية التمويل ليكون بطريقة شفافة ومنصفة لكل الجمعيات الساعية لخدمة الوطن والمجتمع.